وإذا لقوا جملة مستأنفة سيقت إثر بيان ما صدر عن أشباههم لبيان ما صدر عنهم بالذات من الشنائع المؤيسة عن إيمانهم من نفاق بعض وعتاب آخرين عليهم أو معطوفة على ما سبق من الجلمة الحالية والضمير لليهود لما ستقف على سره لالمنافقيهم خاصة كما قيل تحريا لاتحاد الفاعل في فعلى الشرط والجزاء حقيقة الذين آمنوا من أصحاب النبي قالوا أي الاقون لكن لا بطريق تصدى الكل للقول حقيقة بل بمباشرة منافقهم وسكوت الباقين كما يقال بنو فلان قتلوا فلانا والقاتل واحد منهم وهذا أدخل في تقبيح حال الساكتين أولا العاتبين ثانيا لما فيه من الدلالة على نفاقهم واخلاف أحوالهم وتناقض آرائهم من إسناد القول إلى المباشرين خاصة بتقدير المضاف أي قال منافقوهم آمنا لم يقتصروا على ذلك بل عللوه بأنهم وجدوا نعت النبي في التوراة وعلموا أنه النبي المبشر به وإنما لم يصرح به تعويلا على شهادة التوبيخ الآتي وإذا خلا بعضهم أي بعض المذكورين وهم الساكتون منهم أي إذا فرغوا من الاشتغال بالمؤمنين متوجهين ومنضمين إلى بعض آخر منهم وهم منافقوهم بحيث لم يبق معهم غيرهم وهذا نص على اشتراك الساكتين في لقاء المؤمنين كما أشير إليه آنفا إذ الخلو إنما يكون بعد الاشتغال ولأن عتابهم معلق بمحض الخلو ولولا أنهم حاضرون عند المقاولة لوجب أن يجعل سماعهم لها من تمام الشرط ولأن فيه زيادة تشنيع لهم على ما أتوا من السكوت ثم العتاب قالوا أي الساكتون موبخين لمنافقيهم على ما صنعوا أتحدثونهم يعنون المؤمنين بما فتح اللّه عليكم ما موصولة والعائد محذوف أي بينه لكم خاصة في التوراة من نعت النبي والتعبير عنه بالفتح للإيذان بأنه سر مكنون وباب مغلق لا يقف عليه أحد وتجويز كون هذا التوبيخ من جهة المنافقين لأعقابهم إراءة للتصلب في دينهم كما ذهب إليه عصابة مما لا يليق بشأن التنزيل الجليل واللام في قوله عز و جل ليحاجوكم به متعلقة بالتحديث دون الفتح والمراد تأكيد النكير وتشديد التوبيخ فإن التحديث بذلك وإن كان منكرا في نفسه لكن التحديث به لأجل هذا الغرض ćما لا يكاد يصدر عن العاقل أي اتحدثونهم بذلك ليحتجوا عليكم فيبكتوكم والمحدثون به وإن لم يحوموا حول ذلك الغرض لكن فعلهم ذلك لما كان مستتبعا له البتة جعلوا فاعلين للغرض المذكور وإظهارا لكمال سخافة عقولهم وركاكة آرائهم عند ربكم أي في حكمة وكتابه كما يقال هو عند اللّه كذا إى في يدفعه إذ هم عالمون بأنهم محجوجون يومئذ حدثوا به أو لم يحدثوا والاعتذار إلزام المؤمنين كتابه وشرعه وقيل عند ربكم يوم القيامه ورد عليه بأن الإخفاء لا إياهم وتبكيتهم بأن يقولوا لهم ألم تحدثونا بما فى كتابكم في الدنيا من حقية ديننا وصدق نبينا أفحش فيجوز أن يكون المحذور عندهم هذا الإلزام بإرجاع الضمير في به إلى التحديث دون المحدث به ولا ريب في أنه مدفوع بالإخفاء لا تسادعه الآية الكريمة الايتة كما ستقف عليه بإذن اللّه عز و جل أفلا تعقلون من تمام التوبيخ والعتاب والفاء للعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام أي ألا تلاحظون فلا تعقلون هذا الخطأ الفاحش أو شيئا من الأشياء التي من جملتها هذا فالمنكر عدم التعقل ابتداء أو أتفعلون ذلك فلا تعقلون بطلانه مع وضوحة حتى تحتاجون إلى التنبيه عليه فالمنكر حينئذ عدم التعقل بعد الفعل هذا وأما ما قيل من أنه خطاب من جهة اللّه سبحانه للمؤمنين متصل بقوله تعالى أفتطمعون والمعنى أفلا تعقلون حالهم وأن لا مطمع لكم في إيمانهم فيأباه قوله تعالى |
﴿ ٧٦ ﴾