٥٥

إذ قال اللّه ظرف لمكر اللّه أو لمضمر نحو وقع ذلك

يا عيسى إني متوفيك أي مستوفي أجلك ومؤخرك إلى أجلك المسمى عاصما لك من قتلهم أو قابضك من الأرض من توفيت مالي أومتوفيك نائما إذ روى أنه رفع وهو نائم

وقيل مميتك في وقتك بعد النزول من السماء ورافعك الآن أو مميتك من الشهوات العائقة عن العروج الى عالم الملكوت

وقيل أماته اللّه تعالى سبع ساعات ثم رفعه الى السماء وإليه ذهبت النصارى قال القرطبي والصحيح أن اللّه تعالى رفعه من غير وفاة ولا نوم كما قال الحسن وابن زيد وهو اختيار الطبري وهو الصحيح عن ابن عباس رضي اللّه عنهما وأصل القصة أن اليهود لما عزموا على قتله عليه الصلاة و السلام اجتمع الحواريون وهم إثنا عشر رجلا في غرفة فدخل عليهم المسيح من مشكاة الغرفة فأخبر بهم إبليس جميع اليهود فركب منهم أربعة آلاف رجل فأخذوا باب الغرفة فقال المسيح للحواريين أيكم يخرج ويقتل ويكون معي في الجنة فقال واحد منهم أنا يا نبي اللّه فألقى عليه مدرعة من صوف وعمامة من صوف وناوله عكازة وألقى عليه شبه عيسى عليه الصلاة و السلام فخرج على اليهود فقتلوه وصلبوه

وأما عيسى عليه الصلاة و السلام فكساه اللّه الريش والنور وألبسه النور وقطع عنه شهوة المطعم والمشرب وذلك قوله تعالى إني متوفيك فطار مع الملائكة ثم إن أصحابه حين رأوا ذلك تفرقوا ثلاث فرق فقالت فرقة كان اللّه فينا ثم صعد إلى السماء وهم اليعقوبية وقالت فرقة أخرى كان فينا ابن اللّه ما شاء اللّه ثم رفعه اللّه إليه وهم النسطورية وقالت فرقة أخرى منهم كان فينا عبد اللّه ورسوله ما شاء اللّه ثم رفعه اللّه إليه وهؤلاء هم المسلمون فتظاهرت عليهم الفرقتان الكافرتان فقتلوهم فلم يزل الإسلام منطمسا إلى أن بعث اللّه تعالى محمدا

ورافعك إلى أي إلى محل كرامتي ومقر ملائكتي

ومطهرك من الذين كفروا أي من سوء جوارهم وخبث صحبتهم ودنس معاشرتهم

وجاعل الذين اتبعوك قال قتادة والربيع والشعبي ومقاتل والكلبي هم أهل الإسلام الذين صدقوه واتبعوا دينه من أمة محمد دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من النصارى

فوق الذين كفروا وهم الذين مكروا به عليه الصلاة و السلام ومن يسير بسيرتهم من اليهود فإن أهل الإسلام فوقهم ظاهرين بالعزة والمنعة والحجة

وقيل هم الحواريون فينبغى أن تحمل فوقيتهم على فوقية المسلمين بحكم الأتحاد في الإسلام والتوحيد

وقيل هم الروم

وقيل هم النصارى فالمراد بالأتباع مجرد الإدعاء والمحبة وإلا فأولئك الكفرة بمعزل من اتباعه عليه الصلاة و السلام

إلى يوم القيامة غاية للجعل أو للأستقرار المقدر في الظرف لا على معنى ان الجعل أو الفوقية تنتهي حينئذ ويتخلص الكفرة من الذلة بل على معنى ان المسلمين يعلونهم إلى تلك الغاية فأما بعدها فيفعل اللّه تعالى بهم ما يريد

ثم إلي مرجعكم أي رجوعكم بالبعث وثم للتراخي وتقديم الجار والمجرور للقصر المفيد لتأكيد الوعد والوعيد والضمير لعيسى عليه الصلاة و السلام وغيره من المتبعين له والكافرين به على تغليب المخاطب على الغائب في ضمن الألتفات فإنه أبلغ في التبشير والإنذار

فأحكم بينكم يومئذ إثر رجوعكم إلي

فيما كنتم فيه تختلفون من أمور الذين وفيه متعلق بتختلفون وتقديمه عليه لرعاية الفواصل

﴿ ٥٥