٥٦ إن الذين كفروا بآياتنا إن أريد بهم الذين كفروا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فالمراد بالايات إما القرآن أوما يعم كله وبعضه أو ما يعم سائر معجزاته أيضا وان أريد بهم الجنس المتناول لهم تناولا أوليا فالمراد بالايات ما يعم المذكورات وسائر الشواهد التى أوتيها الأنبياء عليهم السلام سوف نصليهم نارا قال سيبويه سوف كلمة تذكر للتهديد والوعيد وينوب عنها السين وقد يذكران في الوعد فيفيدان التأكيد اى ندخلهم نارا عظيمة هائلة نضجت جلودهم كلما أى احترقت وكلما ظرف زمان والعامل فيه بدلناهم جلودا غيرها من قبيل بدله بخوفه أمنا لا من قبيل يبدل اللّه سئاتهم حسنات أى أعطيناهم مكان كل جلد محترق عند احتراقه جلدا جديدا مغايرا للمحترق صورة وإن كان عينه مادة بأن يزال عنه الاحتراق ليعود إحساسه للعذاب والجملة في محل النصب على أنها حال من ضمير نصليهم وقد جوز كونها لنارا على حذف العائد أى كلما نضجت فيها جلودهم فمعنى قوله تعالى ليذوقوا العذاب ليدوم ذوقه ولا ينقطع كقولك لللعزيز أعزك اللّه وقيل يخلق مكانه جلدا آخر والعذاب للنفس العاصية لا لآلة إدراكها قال ابن عباس رضى اللّه تعالى عنهما يبدلون جلودا بيضاء كأمثال القراطيس وروى أن هذه الآية قرئت عند عمر رضى اللّه تعالى عنه فقال للقارئ أعدها فأعادها وكان عنده معاذ بن جبل فقال معاذ عندى تفسيرها يبدل في ساعة مائة مرة فقال عمر رضى اللّه عنه هكذا سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول وقال الحسن تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة كلما أكلتهم قيل لهم عودوا فيعودون كما كانوا وروى أبو هريرة عن النبى إن بين منكبى الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع وعن أبى هريرة أنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ضرس الكافر أو ناب الكافرمثل احد وغلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام والتعبير عن إدراك العذاب بالذوق ليس لبيان قلته بل لبيان أن أحساسهم بالعذاب في كل مرة كإحساس الذائق بالمذوق من حيث إنه لا يدخله نقصان لدوام الملابسة أو للإشعار بمرارة العذاب مع إيلامه أو للتنبيه على شدة تأثيره من حيث إن القوة الذائقة أشد الحواس تأثيرا أو على سرايته للباطن و لعل السر في تبديل الجلود مع قدرته تعالى على إبقاء إدراك العذاب وذوقه بحاله مع الأحتراق ومع إبقاء أبدانهم على حالها مصونة عن الاحتراق أن النفس ربما تتوهم زوال الإدراك بالاحتراق ولا تستبعد كل الاستبعاد أن تكون مصونه عن التألم والعذاب بصيانة بدنها عن الاحتراق إن اللّه كان عزيزا لا يمتنع عليه ما يريده ولا يمانعه أحد حكيما يعاقب من يعاقبه على وفق حكمته والجملة تعليل لما قبلها من الإصلاء والتبديل وإظهار الاسم الجليل بطريق الالتفات لتهويل الأمر وتربية المهابة وتعليل الحكم فإن عنوان الألوهية مناط لجميع صفات كماله تعالى |
﴿ ٥٦ ﴾