١٠٠

ومن يهاجر في سبيل اللّه يجد في الأرض مراغما كثيرا ترغيب في المهاجرة وتأنيس لها أى يجد فيها متحولا ومهاجرا وإنما عبر عنه بذلك تأكيد للترغيب لما فيه من الإشعار بكون ذلك المتجول بحيث يصل فيه المهاجر من الخير والنعمة إلى ما يكون سببا لرغم آنف قومه الذين هاجروهم والرغم الذل والهوان وأصله لصوق الآنف بالرغام وهو التراب

وقيل يجد فيها طريقا يراغم بسلوكه قومه أى يفارقهم على رغم أنوفهم

وسعة أى من الرزق

ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى اللّه ورسوله ثم يدركه الموت أى قبل أن يصل إلى المقصد وإن كان ذلك خارج بابه كما ينبئ عنه إيثار الخروج من بيته على المهاجرة وهو عطف على فعل الشرط وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف

وقيل هو حركة الهاء نقلت إلى الكاف على نية الوقف كما في قوله

... من عنزى سبنى لم أضربه عجيب والدهر كثير عجبه

وقرى بالنصب على إضمار أن كما في قوله

وألحق بالحجاز فأستريحا ...

فقد وقع أجره على اللّه أى ثبت ذلك عنده تعالى ثبوت الأمر الواجب روى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لما بعث بالايات المتقدمة إلى مسلمى مكة قال جندب بن ضمرة لبنيه وكان شيخا كبيرا احملونى فإنى لست من المستضعفين وإنى لأهتدى الطريق واللّه لا أبيت الليلة بمكة فحملوه على سرير متوجها إلى المدينة فلما بلغ التنعيم أشرف على الموت فصفق بيمينه على شماله ثم قال اللّهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك رسولك فمات حميدا فبلغ خبره أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالوا لو توفى بالمدينة لكان أتم أجرا فنزلت قالوا كل هجرة في غرض دينى من طلب علم أو حج أو جهاد أونحو ذلك فهى هجرة إلى اللّه عز و جل وإلى رسوله

وكان اللّه غفورا مبالغا في المغفرة فيغفر له ما فرط منه من الذنوب التى من جملتها القعود عن الهجرة إلى وقت الخروج

رحيما مبالغا في الرحمة فيرحمه بإكمال ثواب هجرته

﴿ ١٠٠