١٢٥ ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه للّه أي أخلص نفسه له تعالى لا يعرف له ربا سواه وقيل بذل وجهه له في السجود وقيل أخلص عمله له عز و جل وقيل فوض أمره اليه تعالى وهذا انكار واستبعاد لأن يكون أحد أحسن دينا ممن فعل ذلك أو مساويا له وان لم يكن سبك التركيب متعرضا لإنكار المساواة ونفيها يرشدك اليه العرف المطرد والاستعمال الفاشي فإنه اذا قيل من أكرم من فلان أولا أفضل من فلان فالمراد به حتما أنه أكرم من كل كريم وأفضل من كل فاضل وعليه مساق قوله تعالى ومن أظلم ممن افترى ونظائره ودينا نصب على التمييز من أحسن منقول من المبتدأ والتقدير ومن دينه أحسن من دين من أسلم الخ فالتفضيل في الحقيقة جار بين الدينين لا بين صاحبيهما ففيه تنبيه على أن ذلك أقصى ما تنتهى اليه القوة البشرية وهو محسن أي آت بالحسنات تارك للسيئات أو آت بالأعمال الصالحة على الوجه اللائق الذي هو حسنها الوصفي المستلزم لحسنها الذاتي وقد فسره بقوله أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك والجملة حال من فاعل اسلم واتبع ملة ابراهيم الموافقة لدين الاسلام المتفق عل صحتها وقبولها حنيفا مائلا عن الاديان الزائغة وهو حال من فاعل اتبع أو من ابراهيم واتخذ اللّه ابراهيم خليلا اصطفاه وخصه بكرامات تشبه كرامات الخليل عند خليله واظهاره في مواقع الاضمار لتفخيم شأنه والتنصيص على أنه الممدوح وتأكيد استقلال الجملة الاعتراضية والخلة من الخلال فإنه ود تخلل النفس وخالطها وقيل من الخلل فإن كل واحد من الخليلين يسد خلل الآخر أو من الخل وهو الطريق في الرمل فإنهما يتوافقان في الطريقة أو من الخلة بمعنى الخصلة فإنهما يتوافقان في الخصال وفائدة الاعتراض جملة من جملتها الترغيب في اتباع ملته عليه السلام فإن من بلغ من الزلفى عند اللّه تعالى مبلغا مصححا لتسميته خليلا حقيق بان يكون اتباع طريقته أهم مايمتد إليه أعناق الهمم وأشرف ما يرمق نحوه أحداق الأمم قيل إنه عليه الصلاة و السلام بعث إلى خليل له بمصر في ازمة أصابت الناس يمتار منه فقال خليله لو كان إبراهيم يطلب الميرة لنفسه لفعلت ولكنه يريدها للأضياف وقد أصابنا ما أصاب الناس من الشدة فرجع غلمانه عليه الصلاة و السلام فاجتازوا ببطحاء لينة فملئوا منها الغرائر حياء من الناس وجاؤا بها إلى منزل إبراهيم عليه الصلاة و السلام وألقوها فيه وتفرقوا وجاء أحدهم فأخبر إبراهيم بالقصة فاغتم لذلك غما شديدا لاسيما لاجتماع الناس ببابه رجاء الطعام فغلبه عيناه وعمدت سارة إلى الغرائر فإذا فيها أجود ما يكون من الحوارى فاختبزت وفي رواية فأطعمت الناس وانتبه إبراهيم عليه السلام فاشتم رائحة الخبز فقال من أين لكم قالت سارة من خليلك المصرى فقال بل من عند خليلى اللّه عز و جل فسماه اللّه تعالى خليلا |
﴿ ١٢٥ ﴾