١٤٠

وقد نزل عليكم خطاب للمنافقين بطريق الالتفات مفيد لتشديد التوبيخ الذى بستدعيه تعداد جناياتهم وقرئ مبنيا للمفعول من التنزيل والإنزال ونزل أيضا مخففا والجملة حال من ضمير يتخذون أيضا مفيدة لكمال قباحة حالهم ونهاية استعصائهم عليه سبحانه بييان أنهم فعلوا ما فعلوا من موالاة الكفرة مع تحقق ما يمنعهم من ذلك وهو وردود النهى الصريح عن مجالستهم المستلزم للنهى عن موالاتهم على أبلغ وجه وآكده إثر بيان انتفاء ما يدعوهم إليه بالجملة المعترضة كأنه قيل تتخذونهم أولياء والحال أنه تعالى قد نزل عليكم قبل هذا بمكة

في الكتاب أى القرآن الكريم

ان إذا سمعتم آيات اللّه يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره وذلك قوله تعالى وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم الآية وهذا يقتضى الانزجار عن مجالستهم في تلك الحالة القبيحة فكيف بموالاتهم والاعتزاز بهم وأن هى المخففة من ان وضمير الشأن الذى هو اسمها محذوف والجملة الشرطية خبرها وقوله تعالى يكفر بها حال من آيات اللّه وقوله تعالى ويستهزأ بها عطف عليه داخل في حكم الحالية وإضافة الآيات إلى الاسم الجليل لتشريفها وإبانة خطرها وتهويل أمر الكفر بها أى نزل عليكم في الكتاب أنه إذا سمعتم آيات اللّه مكفورا بها ومستهزأ بها وفيه دلالة على أن المنزل على النبى وإن خوطب به خاصة منزل على الأمة وأن مدار الإعراض عنهم هو العلم بخوضهم في الآيات ولذلك عبر عن ذلك تارة بالرؤية

وأخرى بالسماع وأن المراد بالإعراض إظهار المخالفة بالقيام عن مجالسهم لا الإعراض بالقلب أو بالوجه فقط والضمير في معهم للكفرة المدلول عليهم بقوله تعالى يكفر بها ويستهزأ بها

إنكم إذا مثلهم جملة مستأنفة سيقت لتعليل النهى غير داخلة تحت التنزيل وإذن ملغاة عن العمل لوقوعها بين المبتدأ والخبر أى لا تقعدوا معهم في ذلك الوقت إنكم إن فعلتموه كنتم مثلهم في الكفر واستتباع العذاب وإفراد المثل لأنه كالمصدر أو للاستغناء بالإضافة إلى الجمع وقرئ شاذا مثلهم بالفتح لإضافته إلى غير متمكن كما في قوله تعالى مثل ما انكم تنطقون

وقيل هو منصوب علىالظرفية اى في مثل حالهم

وقوله تعالى إن اللّه جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا تعليل لكونهم مثلهم في الكفر ببيان ما يستلزمه من شركتهم لهم في العذاب والمراد بالمنافقين إما المخاطبون وقد وضع موضع ضميرهم المظهر تسجيلا بنفاقهم وتعليلا للحكم بمأخذ الاشتقاق

وأما الجنس وهم داخلون تحته دخولا أوليا وتقديم المنافقين على الكافرين لتشديد الوعيد على المخاطبين ونصب جميعا مثل ما قبله

﴿ ١٤٠