|
١٢٢ أومن كان ميتا وقرىء ميتا على الأصل فأحييناه تمثيل مسوق لتنفير المسلمين عن طاعة المشركينإثر تحذريهم عنها بالإشارة إلى أنهم مستضيئون بأنوار الوحي الإلهي والمشركون خابطون في ظلمات الكفر والطغيان فكيف يعقل إطاعتهم لهم والهمزة للإنكار والنفي والواو لعطف الجملة الاسمية على مثلها الذي يدل عليه الكلام أي أأنتم مثلهم ومن كان ميتا فأعطيناه الحياة وما يتبعها من القوى المدركة والمحركة وجعلنا له مع ذلك من الخارج نورا عظيما يمشي به أي بسببه والجملة استئناف مبني علىسؤال نشأ من الكلام كأنه قيل فماذا يصنع بذلك النور فقيل يمشي به في الناس أي فيم بينهم آمنا من جهتهم أو صفة له كمن مثله أي صفته العجيبة وهو مبتدأ وقوله تعالى في الظلمات خبره على أن المراد بهما اللفظ لا المعنى كما في قولك زيد صفته أسمر وهذه الجملة صلة لمن وهي مجرورة بالكاف وهي مع مجرورها خبر لمن الأولى وقوله تعالى ليس بخارج منها حال من المستكن في الظرف وقيل من الموصول أي غير خارج منها بحال وهذا كما ترى مثل ما أريد به من بقي في الضلالة بحيث لا يفارقها أصلا كما أن الأول مثل أريد به من خلقه اللّه تعالى على فطرة الإسلام وهداه بالآيات البينة إلى طريق الحق يسلكه كيف يشاء لكن لا على أن يدل على كل واحد من هذه المعاني بما يليق به من الألفاظ الواردة في المثلين بواسطة تشبيهه بما يناسبه من معانيها فإن ألفاظ المثل باقية في معانيها الأصلية بل على أنه قد انتزعت من الأمور المتعددة المعتبرة في كل واحد من جانبي الممثلين هيئة على حدة ومن الأمور المتعددة المذكورة في كل كل واحد من جانبي المثلين هيئة على حدة فشبهت بهما الأوليان زنزلنا منزلتيهما فاستعمل فيهما ما يدل على الأخريين بضرب من التجوز وقد أشير في تفسير قوله تعالى ختم اللّه على قلوبهم الآية إلى أن التمثيل قسم برأسه لا سبيل إلى جعله من باب الاستعارة حقيقة وأن الاستعارة التمثيلية من عبارات المتأخرين نعم قد يجري ذلك على سنن الاستعارة بأن لا يذكر المشبه كهذين التمثيلين ونظائرهما وقد يجري على منهاج التشبيه كما في قوله ... وما الناس إلا كالديار وأهلها بها يوم حلوها وغدوابلاقع كذلك أي مثل ذلك التزيين البليغ زين أي من جهة اللّه تعالى بطريق الخلق عند إيحاء الشياطين أو من جهة الشياطين بطريق الزخرفة والتسويل للكافرين التابعين للوساوس الشيطانية الآخذين بالمزخرفات التي يوحونها إليهم ما كانوا يعملون ما استمروا على عمله من فنون الكفر والمعاصي التي من جملتها ما حكي عنهم من القبائح فإنها لو لم تكن مزينة لهم لما أصروا عليها ولما جادلوا بها الحق وقيل الآية نزلت في حمزة رضي اللّه عنه وأبي جهل وقيل في عمر أو عمار رضي اللّه عنهما وأبي جهل وكذلك قيل معناه كما جعلنا في مكة أكابر مجرميها ليمكروا فيها جعلنا في كل قرية من سائر القرى أكابر مجرميها ليمكروا فيها ومفعولا جعلنا أكابر مجرميها على تقديم المفعول الثاني والظرف لغو أو هما الظرف وأكبر على أن مجرميها بدل أو مضاف إليه فإن أفعل التفضيل إذا أضيف جاز الإفراد والمطابقة ولذلك قرىء أكبر مجرميها وقيل أكابر مجرميها مفعوله الأول والثاني ليمكروا فيها ولا يخفى أن أي معنى يراد من هذه المعاني لا بد أن يكون مشهود التحقق عند الناس معهودا فيما بينهم حتى يصلح أن تصرف الإشارة عن سياق النظم الكريم وتوجه إليه ويجعل مقياسا لنظائره بإخراجه مخرج المصدر التشبيهي وظاهر أن ليس الأمر |
﴿ ١٢٢ ﴾