١٨٣

وأملي لهم عطف على سنستدرجهم غير داخل في حكم السين لما أن الإملاء الذي هو عبارة عن الإمهال والإطالة ليس من الأمور التدريجية كالاستدراج الحاصل في نفسه شيئا فشيئا بل هو فعل يحصل دفعة وإنما الحاصل بطريق التدريج آثاره وأحكامه لا نفسه كما يلوح به تغيير التعبير بتوحيد الضمير مع ما فيه من الافتنان المنبىء عن مزيد الاعتناء بمضمون الكلام لابتنائه على تجديد القصد والعزيمة

وأما إن ذلك للإشعار بأنه بمحض التقدير الإلهي والاستدراج بتوسط المدبرات فمبناه دلالة نون الفظيعة على الشركة وأنى ذلك وإلا لاحترز عن إيرادها في قوله تعالى ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم الآية بل إنما إيرادها في أمثال هذه الموارد بطريق الجريان على سنن الكبرياء

إن كيدي متين تقرير للوعيد وتأكيد له أي قويلا يدافع بقوة ولا بحيلة والمراد به إما الاستدراج والإملاء مع نتيجتهما التي هي الأخذ الشديد على غرة فتسميته كيدا لما أن ظاهره لطف وباطنه قهو

وأما نفس ذلك ألخذ فقط فالتسمية لكون مقدماته كذلك

وأما أن حقيقة الكيد هو الأخذ على خفاء من غير أن يعتبر فيه إظهار خلاف ما أبطنه فمما لا تعويل عليه مع عدم مناسبته للمقام ضرورة استدعائه لاعتبار القيد المذكور حتما أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة كلام مبتدأ مسوق لإنكار عدم تفكرهم في شأنه وجعلهم بحقيقة حاله الموجبة للإيمان به وبما أنزل عليه من الآيات التي كذبوا بها والهمزة للإنكار والتعجيب والتوبيخ والواو للعطف على مقدر يستدعيه سياق النظم الكريم وسياقه وما إما استفهامية إنكارية في محل الرفع بالابتداء والخبر بصاحبهم

وأما نافية اسمها جنة وخبرها بصاحبهم والجنة من المصادر التي يراد بها الهيئة كالركبة والجلسة وتنكيرها للتقليل والتحقير والجملة معلقة فعل التفكر لكونه من أفعل القلوب ومحلها على الوجهين النصب على نزع الجار أي أكذبوا بها ولم يتفكروا في أي شيء من جنون ما كائن بصاحبهم الذي هو أعظم الأمة الهادية بالحق وعليه أنزلت الآيات أوفى أنه ليس بصاحيهم شيء من جنة حتى يؤديهم التفكر في ذلك إلى الوقوف على صدقه وصحة نبوته فيؤمنوا به وبما أنزل عليه من الآيات

وقيل قد تم الكلام عند قوله تعالى

﴿ ١٨٣