|
٥ قال يا بني صغره للشفقة أو لها ولصغر السن وهو أيضا استئناف مبني على سؤال من قال فماذا قال يعقوب بعد سماع هذه الرؤيا العجيبة ولما عرف يعقوب عليه السلام من هذه الرؤيا أن يوسف يبلغه اللّه تعالى مبلغا جليلا من الحكمة ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه الكرام خاف عليه حسد الأخوة وبغيهم فقال صيانة لهم من ذلك وله من معاناة المشاق ومقاساة الأحزان وإن كان واثقا بأن اللّه تعالى سيحقق ذلك لا محالة وطمعا في حصوله بلا مشقة لا تقصص رؤياك هي ما في المنام كما أن الرؤية ما في اليقظة فرق بينهما بحر في التأنيث كما في القربى والقربة وحقيقتها ارتسام الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك والصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ فتتصور بما فيها مما يليق من المعاني الحاصلة هناك ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة ثم إذا كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية استغنت الرؤيا عن التعبير وإلا احتاجبت إليه على إخوتك فيكيدوا نصب بإضمار أن أي فيفعلوا لك أي لأجلك ولإهلاكك كيدا متينا راسخا لا تقدر على التفصي عنه أو خفيا عن فهمك لا تتصدى لمدافعته وهذا أوفق بمقام التحذير وإن كان يعقوب عليه السلام يعلم أنهم ليسوا بقادرين على تحويل ما دلت الرؤيا على وقوعه وهذا الأسلوب آكد من أن يقال فيكيدوك كيدا إذ ليس فيه دلالة على كون نفس الفعل مقصود الإيقاع وقد قيل إنما جيء باللام لتضمينه معنى الإحتيال المتعدي باللام ليفيد معنى المضمن والمضمن فيه للتأكيد أي فيحتالوا لك ولإهلاكك حيلة وكيدا والمراد بإخوته ههنا الذين يخشى غوائلهم ومكايدهم بنو علاته الأحد عشر وهم يهوذا وروبيل وشمعون ولاوى وربالون ويشجر ودينة بنو يعقوب من ليا بنت خالته ودان ونفتالي وجاد وآشر بنوه من سريتين زلفة وبلهة وهؤلاء هم المشار إليهم بالكواكب الأحد عشر وأما بنيامين الذي هو شقيق يوسف عليه السلام وأمهما راحيل التي تزوجها يعقوب عليه السلام بعد وفاة أختها ليا أو في حياتها إذ لم يكن جمع الاختين إذ ذاك محرما فليس بداخل تحت هذا النهي إذ لا يتوهم مضرته ولا يخشى معرته ولم يكن معدودا معهم في الرؤيا إذ لم يكن معهم في السجود ليوسف والمراد نهيه عن اقتصاص الرؤيا عليهم كلا أو بعضا إن الشيطان للإنسان عدو مبين ظاهر العداوة فلا يألو جهدا في إغواء إخوتك وإضلالهم وحملهم على ما لا خير فيه وهو استئناف كأن يوسف عليه السلام قال كيف يصدر ذلك عن إخوتي الناشئين في بيت النبوة فقيل إن الشيطان يحملهم على ذلك ولما نبهه عليهما السلام على أن لرؤياه شأنا عظيما يستتبع منافع وحذره إشاعتها المؤدية إلى أن يحول إخوته بينها وبين ظهور آثارها وحصولها أو يوعروا سبيل وصولها شرع في تعبيرها وتأويلها على وجه إجمالي فقال |
﴿ ٥ ﴾