١٢

لولا إذ سمعتموه تلوين للخطاب وصرف له عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وذويه إلى الخائضين بطريق الالتفات لتشديد ما في لولا التحفيضة من التوبيخ ثم العدول عنه إلى الغيبة في قوله تعالى

ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا لتأكيد التوبيخ والتشنيع لكن لا بطريق الإعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم على وجه المثابة بل بالتوسل بذلك إلى وصفهم بما يوجب الإتيان بالمحضض عليه ويقتضيه اقتضاء تاما ويزجرهم عن ضده زجرا بليغا فإن كون وصف الإيمان مما يحملهم على إحسان الظن ويكفهم عن أسامة

بأنفسهم أي بأبناء جنسهم النازلين منزلة أنفسهم كقوله تعالى ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وقوله تعالى و لا تلمزوا أنفسكم مما لايب فيه فإخلاهم بموجب ذلك الوصف أقبح و أشنع و التوبيخ عليه أدخل مع ما فيه من التوسل به إلى التصريح بتوبيخ الخائضات ثم ان كان المراد بالإيمان الإيمان الحقيقي فإيجابه لما ذكر واضح والتوبيخ خاص بالمؤمنين و إن كان مطلق الإيمان الشامل لما يظهره المنافقون أيضا فإيجابه له من حيث انهم كانوا يحترزون عن إظهار ما ينافي مدعاهم فالتوبيخ حينئذ متوجه إلى الكل و توسيط الظرف بين لولا و فعلها لتخصيص التخصيص بأول زمان سماعهم و قصر التوبيخ على تأخير الإنيان بالمحضض عليه عن ذلك الآن و التردد فيه ليفيد أن عدم الإتيان به رأسا في غاية ما يكون من القباحة والشناعة أي كان الواجب أن يظن المؤمنون والمؤمنات أول ما سمعوه ممن اخترعه بالذات أو بالواسطة من غير تلعثم وتردد بمثلهم من آحاد المؤمنين خيرا

وقالوا في ذلك الآن

هذا إفك مبين أي ظاهر مكشوف كونه إفكا فكيف بالصديقة ابنة الصديق أم المؤمنين حرمة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم

﴿ ١٢