٨

أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا إما تقرير لما سبق من التباين البين بين عاقبتى الفريقين ببيان تباين حاليهما المؤديين الى تينك العاقبتين والفاء لإنكار ترتيب ما بعدها على ما قبلها أي ابعد كون حاليهما كما ذكر يكون من زين له الكفر من جهة الشيطان فانهمك فيه كمن استقبحه واجتنبه واختار الايمان والعمل الصالح حتى لا تكون عاقبتاهما كما ذكر فحذف ما حذف لدلالة ما سبق عليه وقوله تعالى

فإن اللّه يضل الخ تقرير له وتحقيق للحق ببيان ان الكل بمشيئته تعالى أي فإنه تعالى

يضل من يشاء ان يضله لاستحسانه واستحبابه الضلال وصرف اختياره إليه فيرده اسفل سافلين

ويهدى من يشاء أن يهديه بصرف اختياره الى الهدى فيرفعه إلى اعلى عليين

وأما تمهيد لما يعقبه من نهيه عن التحسر والتحزن عليهم لعدم إسلامهم ببيان أنهم ليسوا بأهل لذلك بل لأن يضرب عنهم صفحا ولا يبالي بهم قطعا أي أبعد كون حالهم كما ذكر تتحسر عليهم فحذف لما دل عليه قوله تعالى

فلا تذهب نفسك عليهم حسرات دلالة بينة

وأما تمهيد لصرفه عما كان عليه من الحرص الشديد على إسلامهم والمبالغة في دعوتهم إليه ببيان استحالة تحولهم عن الكفر لكونه في غاية الحسن عندهم أي أبعد ما ذكر من زين له الكفر من قبل الشيطان فرآه فانهمك فيه يقبل الهداية حتى تطمع في إسلامه وتتعب نفسك في دعوته فحذف ما حذف لدلالة ما مر من قوله تعالى فإن اللّه يضل من يشاء الخ على انه ممن شاء اللّه تعالى ان يضله فمن يهدى من أضل اللّه وما لهم من ناصرين وقرئ فلا تذهب نفسك وقوله تعالى حسرات إما مفعول له أي فلا تهلك نفسك للحسرات والجمع للدلالة على تضاعف اغتمامه على أحوالهم أو على كثرة قبائح أعمالهم الموجبة للتأسف والتحسر وعليهم صلة تذهب كما يقال هلك عليه حبا ومات عليه حزنا أو هو بيان للمتحسر عليه ولا يجوز أن يتعلق بحسرات لأن المصدر لا تتقدم عليه صلته

وأما حال كان كلها صارت حسرات وقوله تعالى

إن اللّه عليم بما يصنعون أي من القبائح تعليل لما قبله على الوجوه الثلاثة مع ما فيه فيه من الوعيد عن ابن عباس رضى اللّه عنهما انها نزلت في ابي جهل ومشركى مكة

﴿ ٨