|
٣٦ سبحان الذي خلق الازواج كلها استئناف مسوق لتنزيهه تعالى عما فعلوه من ترك شكره على الائه المذكورة واستعظام ما ذكر في حيز صلة من بدائع آثار قدرته واسرار حكمته و روائع نعمائه الموجبة للشكر وتخصيص العبادة به والتعجيب من اخلالهم بذلك والحالة هذه وسبحان علم للتسبيح الذي هو التبعيد عن السوء اعتقادا وقولا أي اعتقاد البعد عنه والحكم به من سبح في الارض والماء اذا ابعد فيهما وامعن ومنه فرس سبوح أي واسع الجرى وانتصابه على المصدرية ولا يكاد يذكر ناصبه أي اسبح سبحانه أي انزهه عما لا يليق به عقدا وعملا تنزيها خاصا به حقيقا بشأنه وفيه مبالغة من جهة الاشتفاق من السبح ومن جهة النقل الى التفعيل ومن جهة العدول عن المصدر الدال على الجنس الى الاسم الموضوع له خاصة لاسيما العلم المشير الى الحقيقة الحاضرة في الذهن ومن جهة اقامته مقام المصدر مع الفعل وقيل هو مصدر كغفران اريد به التنزه التام والتباعد الكلي عن السوء ففيه مبالغة من جهة اسناد التنزه الى الذات المقدسة فالمعنى تنزه بذاته عن كل ما لا يليق به تنزها خاصا به فالجملة على هذا اخبار من اللّه تعالى بتنزهه وبراءته عن كل مالا يليق به مما فعلوه وما تركوه وعلى الأول حكم منه عز و جل بذلك وتلقين للمؤمنين ان يقولوه ويعتقدوا مضمونه ولا يخلوا به ولا يغفلوا عنه المراد بالازواج الاصناف والانواع مما تنبت الارض بيان لها والمراد به كل ما ينبت فيها من الاشياء المذكورة وغيرها ومن انفسهم أي خلق الازواج من انفسهم أي الذكر والانثى ومما لا يعلمون أي والازواج مما لم يطلعهم اللّه تعالى على خصوصياته لعدم قدرتهم على الاحاطة بها ولما لم يتعلق بذلك شيء من مصالحهم الدينية والدنيوية وانما اطلعهم على ذلك بطريق الاجمال على منهاج قوله تعالى ويخلق ما لا تعلمون لما نبط به وقوفهم على عظم قدرته وسعة ملكه وسلطانه |
﴿ ٣٦ ﴾