|
١٠ قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم امر رسول اللّه بتذكير المؤمنين وحملهم على التقوى والطاعة إثر تخصيص التذكر بأولى الالباب إيذانا بأنهم هم كما سيصرح به أي قل لهم قولى هذا بعينه وفيه تشريف لهم بإضافتهم الى ضمير الجلالة ومزيد اعتناء بشأن المأمور به فإن نقل عين امر اللّه ادخل في إيجاب الامتثال به وقوله تعالى للذين احسنوا تعليل للامر أو لوجوب الامتثال به وإيراد الإحسان في حيز الصلة دون التقوى للإيذان بأنه من باب الإحسان وأنهما متلازمان وكذا الصبر كما مر في قوله تعالى إن اللّه مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وفي قوله تعالى إنه من يتق ويصبر فإن اللّه لا يضيع أجر المحسنين وقوله تعالى في هذه الدنيا متعلق بأحسنوا أي عملوا الاعمال الحسنة في هذه الدنيا على وجه الاخلاص وهو الذي عبر عنه رسول اللّه حين سئل عن الاحسان بقوله أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك حسنة أي حسنة عظيمة لا يكتنه كنهها وهي الجنة وقيل هو متعلق بحسنة على انه بيان لمكانها او حال من ضميرها في الظرف فالمراد بها حينئذ الصحة والعافية وارض اللّه واسعة فمن تعسر عليه التوفر على التقوى والاحسان في وطنه فليهاجر الى حيث يتمكن فيه من ذلك كما هو سنة الانبياء والصالحين فإنه لا عذر له في التفريط أصلا وقوله تعالى إنما يوفى الصابرون الخ ترغيب في التقوى المأمور بها وإيثار الصابرين على المتقين للإيذان بانهم حائزون لفضيلة الصبر كحيازتهم لفضيلة الإحسان لما اشير إليه من استلزام التقوى لهما مع ما فيه من زيادة حث على المصابرة والمجاهدة في تحمل مشاق المهاجرة ومتاعبها أي إنما يوفى الذين صبروا على دينهم وحافظوا على حدوده ولم يفرطوا في مراعاة حقوقه لما اعتراهم في ذلك من فنون الآلام والبلايا التي من جملتها مهاجرة الأهل ومفارقة الأوطان أجرهم بمقابلة ما كابدوا من الصبر بغير حساب أي بحيث لا يحصى ولا يحصر عن ابن عباس رضى اللّه عنهما لا يهتدى إليه حساب الحساب ولا يعرف وفي الحديث انه تنصب الموازين يوم القيامة لاهل الصلاة والصدقة والحج فيؤتون بها أجورهم ولا تنصب لأهل البلاء بل يصب عليهم الأجر صبا حتى يتمنى اهل العافيه في الدنيا أن اجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل |
﴿ ١٠ ﴾