|
٢٣ اللّه ينزل احسن الحديث هو القرآن الكريم روى ان اصحاب رسول اللّه ملوا ملة فقالوا له حدثا حديثا وعن ابن مسعود وابن عباس رضي اللّه عنهم قالوا لو حدثتنا فنزلت والمعنى ان فيه مندوحة عن سائر الاحاديث وفي ايقاع الاسم الجليل مبتدأ وبناء نزل عليه من تفخيم احسن الحديث ورفع محله والاستشهاد على حسنه وتأكيد استناده اليه تعالى وانه من عنده لا يمكن صدوره عن غيره والتنبيه على أنه وحي معجز مالا يخفي كتابا بدل من احسن الحديث او حال منه سواء اكتسب من المضاف اليه تعريفا اولا فإن مساغ مجيء الحال من النكرة المضافة اتفاقي ووقوعه حالا مع كونه اسما لاصفة اما لاتصافه بقوله تعالى متشابها او لكونه في قوة مكتوبا ومعنى كونه متشابها تشابه معانيه في الصحة والاحكام والابتناء على الحق والصدق واستتباع منافع الخلق في المعاد والمعاش وتناسب الفاظه في الفصاحة وتجاوب نظمه في الاعجاز مثانى صفة اخرى لكتابا او حال اخرى منه وهو جمع مثنى بمعنى مردد ومكرر لما ثنى من قصصه وانبائه واحكامه واوامره ونواهيه ووعده ووعيده ومواعظه وقيل لانه يثنى في التلاوة وقيل هو جمع مثنى مفعل من التثنية بمعنى التكرير والاعادة كما في قوله تعالى فارجع البصر كرتين أي كرة بعد كرة ووقوعه صفة لكتابا باعتبار تفاصيله كما يقال القرآن سور وآيات ويجوز ان ينتصب على التمييز من متشابها كما يقال رايت رجلا حسنا شمائل أي شمائله والمعنى متشابهة مثانيه تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم قيل صفة لكتابا او حال منه لتخصصه بالصفة والاظهر انه استئناف مسوق لبيان آثاره الظاهرة في سامعيه بعد بيان أوصافه في نفسه ولتقرير كونه احسن الحديث والاقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد اذا تقبض تقبضا شديدا وتركيبه من القشع وهو الاديم اليابس قد ضم اليه الراء ليكون رباعيا ودالا على معنى زائد يقال اقشعر جلده وقف شعره اذا عرض له خوف شديد من منكر هائل دهمه بغتة والمراد اما بيان افراط خشيتهم بطريق التمثيل والتصوير او بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق والمعنى انهم اذا سمعوا القرآن وقوارع آيات وعيده اصابتهم هيبة وخشية تقشعر منها جلودهم واذا ذكروا رحمة اللّه تعالى تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة وذلك قوله تعالى ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر اللّه أي ساكنة مطمئنة الى ذكر رحمته تعالى وانما لم يصرح بها ايذانا بأنها اول ما يخطر بالبال عند ذكره تعالى ذلك أي الكتاب الذي شرح احواله هدى اللّه يهدي به من يشاء ان يهديه بصرف مقدوره الى الاهتداء بتأمله فيما في تضاعيفه من شواهد الحقية ودلائل كونه من عند اللّه تعالى ومن يضلل اللّه أي يخلق فيه الضلالة بصرف قدرته الى مباديها واعراضه عما يرشده الى الحق بالكلية وعدم تأثره بوعيده ووعده اصلا او ومن يخذل فماله من هاد يخلصه من ورطة الضلال وقيل ذلك الذي ذكر من الخشية والرجاء اثر هداه تعالى يهدي بذلك الاثر من يشاء من عباده ومن يضلل أي من لم يؤثر فيه لطفه لقسوة قلبه واصراره على فجوره فماله من هاد من مؤثر فيه بشيء قط |
﴿ ٢٣ ﴾