٤

إن تتوبا إلى اللّه خطاب لحفصة وعائشة على الالتفات للمبالغة في العتاب

فقد صغت قلوبكما الفاء للتعليل كما في قوله اعبد ربك فالعبادة حق أى فقد وجد منكما ما يوجب التوبة من ميل قلوبكما عما يجب عليكما من مخالصة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وحب ما يحبه وكراهة ما يكرهه وقرىء فقد زاغت

وإن تظاهرا عليه بإسقاط إحدى التاءين وقرىء على الأصل وبتشديد الظاء وتظهرا أى تتعاونا عليه بما يسوؤه من الإفراط في الغير وإفشاء سره

فإن اللّه هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين أى فلن يعدم من يظاهره فإن اللّه هو ناصره وجبريل رئيس الكروبيين قرينه ومن صلح من المؤمنين أتباعه وأعوانه قال ابن عباس رضى تعالى عنهما أراد بصالح المؤمنين أبا بكر وعمر رضى اللّه عنهما وقد روى ذلك مرفوعا الى النبي عليه الصلاة و السلام وبه قال عكرمة ومقاتل وهو اللائق بتوسطه بين جبريل

والملائكة عليهم السلام فإنه جمع بين الظهير المعنوى والظهير الصورى كيف لا وإن جبرل ظهير له عليهما السلام يؤيده بالتأييدات الاهية وهما وزيراه وظهيراه في تدبير أمور الرسالة وتمشية أحكامها الظاهرة ولأن بيان مظاهرتهما له عليه الصلاة و السلام أشد تأثيرا في قلوب بنتيهما وتوهينا لأمرهما فكان حقيقا بالتقديم بخلاف ما إذا أريد به جنس الصالحين كما هو المشهور والملائكة مع تكاثر عددهم وامتلاء السموات من جموعهم

بعد ذلك قيل أى بعد نصرة اللّه عز و جل وناموسه الأعظم وصالح المؤمنين

ظهير اى فوج مظاهر له كانهم يد واحدة على من يعاديه فماذا يفيد تظاهر امرأتين على من هؤلاء ظهراؤه وما ينبىء عنه قوله تعالى بعد ذلك من فضل نصرتهم على نصرة غيرهم من حيث إن نصرة الكل نصرة اللّه تعالى وإن نصرته تعالى بهم وبمظاهرتهم أفضل من سائر وجوه نصرته هذا ما قالوه ولعل الأنسب أن يجعل ذلك إشارة الى مظاهرة صالح المؤمنين خاصة ويكون بيان بعديه مظاهرة الملائكة تداركا لما يوهمه الترتيب الذكرى من أفضلية المقدم فكأنه قيل بعد ذكر مظاهرة صالح المؤمنين وسائر الملائكة بعد ذلك ظهير له عليه الصلاة و السلام إيذانا بعلو رتبة مظاهرتهم وبعد منزلتها وجبرا لفصلها عن مظاهرة جبريل عليه السلام

﴿ ٤