٩

قالوا اعترافا بأنه تعالى قد ازاح عللّهم بالكليه بلى قد جاءنا نذير جامعين بين حرف الجواب ونفس الجملة المجاب بها مبالغة في الاعتراف بمجيء النذير وتحسرا على ما فاتهم من السعادة في تصديقهم وتمهيدا لبيان ما وقع منهم من التفريط تندما واغتماما على ذلك اي قال كل فوج من تلك الأفواج

قد جاءنا نذير اي واحدة حقيقة أو حكما كأنبياء بني اسرائيل فانهم حكم نذير واحد فأنذرنا وتلا علينا ما نزل اللّه تعالى عليه من آياته

فكذبنا ذلك النذير في كونه نذيرا من جهته تعالى

وقلنا في حق ما تلاه من الآيات افراطا في التكذيب وتماديا في النكير

ما نزل اللّه أحد

من شيء من الأشياء فضلا عن تنزيل الآيات عليكم

ان انتم اي ما انتم في ادعاء انه تعالى نزل عليكم آيات تنذروننا بما فيها

الا في ضلال كبير بعيد عن الحق والصواب وجمع ضمير الخطاب مع ان مخاطب كل فوج نذيره لتغليبه على أمثاله مبالغة في التكذيب وتماديا في التضليل كما ينبىء عنه تعميم المنزل مع ترك ذكر المنزل عليه فانه ملوح بعمومه حتما

وأما اقامة تكذيب الواحد مقام تكذيب الكل فأمر تحقيقى يصار اليه لتهويل ما ارتكبوه من الجنايات لامساغ لاعتباره من جهتهم ولا لادراجه تحت عبارتهم كيف لا وهو منوط بملاحظة اجماع النذر على مالا يختلف من الشرائع والأحكام باختلاف العصور والأعوام وأين هم من ذلك وقد حال الجريض دون القريض هذا اذا جعل ما ذكر حكاية عن كل واحد من الأفواج

وأما اذا جعل حكاية عن الكل فالنذير أما بمعنى الجمع لأنه فعيل أو مصدر مقدر بمضاف عام اي اهل نذير أو منعوت به فيتفق كلا طرفي الخطاب في الجمعية ومن اعتبر الجمعية بأحد الوجوه الثلاثة على التقدير الأول ولم يخص اعتبارها بالتقدير الأخير فقد اشتبه عليه الشئون واختلط به الظنون وقد جوز ان يكون الخطاب من كلام الخزنة للكفار على ارادة القول على أن مرادهم بالضلال ما كانوا عليه في الدنيا أو هلاكهم أو عقاب ضلالهم تسمية له باسم سببه وان يكون من كلام الرسل للكفرة وقد حكموه للخزانة فتأمل وكن على الحق المبين

﴿ ٩