١٦

وجنات الجنة في الأصل هي المرة من مصدر جنة اذا ستره تطلق على المخل والشجر المتكاثف المظلل بالتفاف اغصانه قال زهير بن ابي سلمى

... كأن عيني في غربي مقتلة ... من النواضح تسقى جنة سحقا ...

وعلى الأرض ذات الشجر قال الفراء الجنة ما فيه النخيل والفردوس ما فيه الكرم والأول هو المراد وقوله تعالى

ألفافا اي ملتفة تداخل بعضها في بعض قالوا لا واحد له كالأوزاع والاخياف

وقيل الواحد لف ككن واكنان أو لفيف كشريف واشراف

وقيل هو جمع اف جمع لفاء كخضر وخضراء

وقيل جمع ملتفة بحذف الزوائد واعلم أن فيما ذكر من أفعاله عز و جل دلالة على صحة البعث وحقيته من وجوه ثلاثة الأول باعتبار قدرته تعالى فان من قدر على انشاء هذه الأفعال البديعة من غير مثال يحتذيه ولا قانون ينتحيه كان على الاعادة اقدر واقوى الثاني باعتبار علمه وحكمته فان من ابدع هذه المصنوعات على نمط رائع مستتبع لغايات جليلة ومنافع جميلة عائدة الى الخلق يتسحيل ان ينفيها بالكلية ولا يجعل لها عاقبة باقية والثالث باعتبار نفس الفعل فان اليقظة بعد النوم انموذج للبعث بعد الموت يشاهدونها كل يوم وكذا اخراج الحب والنبات من الأرض الميتة يعاينوه كل حين كأنه قيل ألم نفعل هذه الأفعال الآفاقية والانفسية الدالة بفنون الدلالات على حقية البعث الموجبة للايمان به فما لكم تخوضون فيه انكارا وتتساءلون عنه استهزاء وقوله تعالى

﴿ ١٦