٦

أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي بن كعب أنه قرأ {الحي القيوم}.

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال {القيوم} القائم على كل شيء.

وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها {الحي القيام}.

وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي داود وابن الأنباري معا في المصاحف وابن المنذر والحاكم وصححه عن عمر أنه صلى العشاء الآخرة فاستفتح سورة آل عمران، فقرأ {الم اللّه لا إله إلا هو الحي القيام}.

وأخرج ابن أبي داود عن الأعمش قال في قراءة عبد اللّه {الحي القيام}.

وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن علقمة أنه كان يقرأ {الحي القيام}.

وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن أبي معمر قال: سمعت علقمة يقرأ {الحي القيم} وكان أصحاب عبد اللّه يقرؤون {الحي القيام}.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: كان عمر يعجبه أن يقرأ سورة آل عمران في الجمعة إذا خطب.

وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: "قدم على النبي صلى اللّه عليه وسلم. وفد نجران ستون راكبا، فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم، فكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. منهم أبو حارثة بن علقمة، والعاقب، وعبد المسيح، والأيهم السيد، وهو من النصرانية على دين الملك مع اختلاف من أمرهم. يقولون هو اللّه، ويقولون هو ولد اللّه، ويقولون هو ثالث ثلاثة، كذلك قول النصرانية، فهم يحتجون في قولهم يقولون هو اللّه بأنه كان يحيي الموتى، ويبرئ الأسقام، ويخبر بالغيوب، ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرا، وذلك كله بإذن اللّه ليجعله آية للناس. ويحتجون في قولهم بأنه ولد بأنهم يقولون: لم يكن له أب يعلم، وقد تكلم في المهد شيئا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله. ويحتجون في قولهم أنه ثالث ثلاثة بقول اللّه: فعلنا، وأمرنا، وخلقنا، وقضينا، فيقولون: لو كان واحدا ما قال إلا فعلت، وأمرت، وقضيت، وخلقت، ولكنه هو وعيسى ومريم. ففي كل ذلك من قولهم نزل القرآن وذكر اللّه لنبيه فيه قولهم، فلما كلمه الحبران قال لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أسلما قالا: قد أسلمنا قبلك. قال: كذبتما منعكما من الإسلام دعاؤكما للّه ولدا، وعبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، قالا: فمن أبوه يا محمد؟ فصمت فلم يجبهما شيئا، فأنزل اللّه في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها، فافتتح السورة بتنزيه نفسه مما قالوه، وتوحيده إياهم بالخلق، والأمر لا شريك له فيه، ورد عليهم ما ابتدعوا من الكفر، وجعلوا معه من الأنداد، واحتجاجا عليهم بقولهم في صاحبهم ليعرفهم بذلك ضلالته فقال {الم، اللّه لا إله إلا هو الحي القيوم} أي ليس معه غيره شريك في أمره، الحي الذي لا يموت وقد مات عيسى، في قولهم القيوم القائم على سلطانه لا يزول وقد زال عيسى. وقال ابن إسحق: حدثني محمد بن سهل بن أبي أمامة قال: لما قدم أهل نجران على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. يسألونه عن عيسى بن مريم. نزلت فيهم فاتحة آل عمران إلى رأس الثمانين منها وأخرجه البيهقي في الدلائل".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع قال: "إن النصارى أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فخاصموه في عيسى بن مريم وقالوا له: من أبوه؟ وقالوا على اللّه الكذب والبهتان.فقال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم: ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت، وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟ قالوا: بلى. قال: فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟ قالوا: لا. قال: أفلستم تعلمون أن اللّه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ قالوا: بلى. قال: فهل يعلم عيسى من ذلك شيئا إلا ما علم؟ قالوا: لا. قال: فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء، ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب، ولا يحدث الحدث؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غذي كما تغذي المرأة الصبي، ثم كان يأكل الطعام، ويشرب الشراب، ويحدث الحدث؟ قالوا: بلى. قال: فكيف يكون هذا كما زعمتم؟ فعرفوا ثم أبوا إلا جحودا. فأنزل اللّه {الم اللّه لا إله إلا هو الحي القيوم} ".

وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها {القيام}.

وأخرج ابن جرير عن علقمة أنه قرأ {الحي القيوم}.

وأخرج الفرياني وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله {نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه} قال: لما قبله من كتاب أو رسول.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {مصدقا لما بين يديه} يقول: من البينات التي أنزلت على نوح، وإبراهيم، وهود، والأنبياء.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله {نزل عليك الكتاب} قال: القرآن {مصدقا لما بين يديه} من الكتب التي قد خلت قبله (وأنزل التوراة والإنجيل، من قبل هدى للناس) هما كتابان أنزلهما اللّه فيهما بيان من اللّه، وعصمة لمن أخذ به، وصدق به وعمل بما فيه {وأنزل الفرقان} هو القرآن فرق به بين الحق والباطل. فأحل فيه حلاله، وحرم فيه حرامه، وشرع فيه شرائعه، وحد فيه حدوده، وفرض فيه فرائضه، وبين فيه بيانه، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.

وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير {وأنزل الفرقان} أي الفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره. وفي قوله {إن الذين كفروا بآيات اللّه لهم عذاب شديد واللّه عزيز ذو انتقام} أي أن اللّه منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها، ومعرفته بما جاء منه فيها. وفي قوله {إن اللّه لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء} أي قد علم ما يريدون، وما يكيدون، وما يضاهون بقولهم

في عيسى. إذ جعلوه ربا، والها، وعندهم من علمه غير ذلك، غرة باللّه وكفرا به {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} قد كان عيسى ممن صور في الأرحام لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه، كما صور غيره من بني آدم فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل؟

وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله {يصوركم في الأرحام كيف يشاء} قال: ذكورا واناثا.

وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، عن مرة، عن ابن مسعود وناس من الصحابة. في قوله {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} قال: إذا وقعت النطفة في الأرحام طارت في الجسد أربعين يوما، ثم تكون علقة أربعين يوما، ثم تكون مضغة أربعين يوما، فإذا بلغ أن يخلق، بعث اللّه ملكا يصورها فيأتي الملك بتراب بين أصبعيه، فيخلط فيه المضغة، ثم يعجنه بها، ثم يصوره كما يؤمر، ثم

يقول: أذكر أم أنثى، أشقي أم سعيد، و ما رزقه، وما عمره، وما أثره، وما مصائبه؟ فيقول اللّه ويكتب الملك. فإذا مات ذلك الجسد دفن حيث أخذ ذلك التراب.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} قال: من ذكر، وأنثى، وأحمر، وأبيض، وأسود، وتام، وغير تام الخلق.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله {العزيز الحكيم} قال: العزيز في نقمته إذا انتقم، الحكيم في أمره.

﴿ ٦