|
٤٩ أخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي اللّه عنه في قوله {وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم} قال: قريش يوم بدر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: جاء إبليس في جند من الشياطين ومعه راية في صورة رجال من بني مدلج في صورة سراقة بن مالك بن جعشم، فقال الشيطان {لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم} وأقبل جبريل عليه السلام على إبليس وكانت يده في يد رجل من المشركين فلما رأى جبريل انتزع يد، وولى مدبرا هو وشيعته، فقال الرجل: يا سراقة إنك جار لنا؟! فقال {إني أرى ما لا ترون} وذلك حين رأى الملائكة {إني أخاف اللّه واللّه شديد العقاب} قال: ولما دنا القوم بعضهم من بعض قلل اللّه المسلمين في أعين المشركين فقال المشركون: وما هؤلاء {غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على اللّه فإن اللّه عزيز حكيم}. وأخرج الواقدي وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما تواقف الناس أغمي على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ساعة، ثم سري عنه فبشر الناس بجبريل عليه السلام في جند من الملائكة ميمنة الناس، وميكائيل في جند آخر ميسرة، وإسرافيل في جند آخر ألف، وإبليس قد تصور في صورة سراقة بن جعشم المدلجي يجير المشركين ويخبرهم أنه لا غالب لهم اليوم من الناس، فلما أبصر عدو اللّه الملائكة {نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون} فتثبت به الحارث، وانطلق إبليس لا يرى حتى سقط في البحر ورفع يديه وقال: يا رب موعدك الذي وعدتني. وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الدلائل عن رفاعة بن رافع الأنصار رضي اللّه عنه قال: لما رأى إبليس ما يفعل الملائكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص القتل إليه، فتشبث به الحارث بن هشام وهو يظن أنه سراقة بن مالك، فوكز في صدر الحارث فألقاه ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في البحر، فرفع يديه فقال: اللّهم إني أسألك نظرتك إياي. وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: أنزل اللّه تعالى على نبيه صلى اللّه عليه وسلم بمكة (سيهزم الجمع ويولون الدبر) (القمر:٤٥) فقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: أي جمع يهزم؟! - وذلك قبل بدر - فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش، نظرت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف ويقول: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) فكانت بيوم بدر، فأنزل اللّه فيهم (حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب) (المؤمنون:٢٤) الآية. وأنزل اللّه (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة اللّه كفرا) (إبراهيم:٢٨) الآية. ورماهم رسول اللّه فوسعهم الرمية، وملأت أعينهم وأفواههم حتى أن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه وفاه، فأنزل اللّه (وما رميت إذ رميت ولكن اللّه رمى) (الأنفال:١٧) وأنزل اللّه في إبليس {فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون} وقال عتبة بن ربيعة وناس معه من المشركين يوم بدر {غر هؤلاء دينهم} فأنزل اللّه {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم}. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {إني أرى ما لا ترون} قال: أرى جبريل عليه السلام معتجرا بردائه يقود الفرس بين يدي أصحابه ما ركبه. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله {إني أرى ما لا ترون} قال: ذكر لنا أنه رأى جبريل تنزل معه الملائكة، فعلم عدو اللّه أنه لا يدان له بالملائكة، وقال {إني أخاف اللّه} وكذب عدو اللّه ما به مخافة اللّه، ولكن علم أنه لا قوة له به ولا منعة له. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن معمر قال: ذكروا أنهم أقبلوا على سراقة بن مالك بعد ذلك، فأنكر أن يكون شيء من ذلك. وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهما قال: كان الذي رآه نكص حين نكص الحارث بن هشام، أو عمرو بن وهب الجمحي. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله {إذ يقول المنافقون} قال: وهم يومئذ في المسلمين. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي اللّه عنه في قوله {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض} قال: هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر فسموا منافقين. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي رضي اللّه عنه قال: هم قوم كانوا أقروا بالإسلام وهم بمكة، ثم خرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا المسلمين قالوا {غر هؤلاء دينهم}. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن الشعبي رضي اللّه عنه في الآية قال: كان أناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام فخرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا وفد المسلمين قالوا {غر هؤلاء دينهم}. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحق رضي اللّه عنه في قوله {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض} قال: هم الفئة الذين خرجوا مع قريش، احتبسهم آباؤهم فخرجوا وهم على الارتياب، فلما رأوا قلة أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قالوا {غر هؤلاء دينهم} حين قدموا على ما قدموا عليه من قلة عددهم وكثرة عدوهم، وهم فئة من قريش مسمون خمسة قيس بن الوليد بن المغيرة، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة المخزوميان، والحارث بن زمعة، وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه. |
﴿ ٤٩ ﴾