٨

أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع - رضي اللّه عنه - في قوله‏:‏ ‏{‏وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم‏}‏ قال‏:‏ أخبرهم موسى عليه السلام عن ربه عز وجل، أنهم إن شكروا النعمة، زادهم من فضله وأوسع لهم في الرزق، وأظهرهم على العالمين‏.‏

وأخرج عبد اللّه بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي اللّه عنه - في قوله‏:‏ ‏{‏وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم‏}‏ قال‏:‏ حق على اللّه أن يعطي من سأله ويزيد من شكره، واللّه منعم يحب الشاكرين، فاشكروا للّه نعمه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الحسن - رضي اللّه عنه - في قوله‏:‏ ‏(‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏)‏ قال‏:‏ من طاعتي‏.‏

وأخرج ابن المبارك وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان،عن علي بن الصالح - رضي اللّه عنه - مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سفيان الثوري - رضي اللّه عنه - في قوله{‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏}‏ قال‏:‏ لا تذهب أنفسكم إلى الدنيا، فإنها أهون على اللّه من ذلك‏.‏ ولكن، يقول ‏{‏لئن شكرتم‏}‏ هذه النعمة إنها مني ‏{‏لأزيدنكم‏}‏ من طاعتي‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي زهير يحيى بن عطارد بن مصعب، عن أبيه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ما أعطي أحد أربعة فمنع أربعة، ما أعطي أحد الشكر فمنع الزيادة، لأن اللّه تعالى يقول‏:‏ {‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏}وما أعطي أحد الدعاء فمنع الإجابة، لإن اللّه يقول‏:‏ ‏(‏ادعوني استجب لكم‏)‏ وما أعطي أحد الاستغفار فمنع المغفرة، لإن اللّه يقول‏:‏(‏استغفروا ربكم إنه كان غفارا‏)‏(نوح:١٠‏)وما أعطي أحد التوبة فمنع التقبل، لإن اللّه يقول‏:‏ ‏(‏وهو الذي يقبل التوبة عن عباده‏)‏ (الشورى:٢٥‏)‏‏.‏

وأخرج أحمد والبيهقي، عن أنس - رضي اللّه عنه - قال‏:‏ ‏"‏أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم سائل، فأمر له بتمرة فلم يأخذها، وأتاه آخر، فأمر له بتمرة فقبلها وقال‏:‏ تمرة من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ فقال للجارية‏:‏ اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهما التي عندها‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن أنس - رضي اللّه عنه - ‏:‏ ‏"‏أن سائلا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فأعطاه تمرة، فقال الرجل سبحان اللّه‏!‏‏.‏‏.‏‏.‏ نبي من الأنبياء يتصدق بتمرة‏؟‏ فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثيرة‏؟‏ فأتاه آخر فسأله فأعطاه، فقال تمرة من نبي، لا تفارقني هذه التمرة ما بقيت، ولا أزال أرجو بركتها أبدا‏.‏ فأمر له النبي صلى اللّه عليه وسلم بمعروف وما لبث الرجل أن استغنى‏"‏‏.‏

وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين قال - لما قال له سفيان الثوري - رضي اللّه عنه - ‏:‏ لا أقوم حتى تحدثني - قال جعفر - رضي اللّه عنه - ‏:‏ أما إني أحدثك، وما كثرة الحديث بخير لك يا سفيان، إذا أنعم اللّه عليك بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها، فأكثر من الحمد والشكر عليها، فإن اللّه تعالى قال في كتابه‏:‏ ‏{‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏}‏ وإذا استبطأت الرزق، فأكثر من الاستغفار، فإن اللّه قال في كتابه‏:‏ ‏(‏استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين‏)‏(نوح، الآيات ١٠ - ١٢‏.‏‏)‏ يعني في الدنيا والآخرة ‏(‏ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا‏)‏(‏الشورى:٢٥‏)‏ يا سفيان، إذا أحزنك أمر من سلطان أوغيره، فأكثر من لا حول ولا قوة إلا باللّه، فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، عن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أربع من أعطيهن لم يمنع من اللّه أربعا‏:‏ من أعطي الدعاء لم يمنع الاجابة، قال اللّه‏:‏ ‏(‏ادعوني أستجب لكم‏)ومن أعطي الاستغفار لم يمنع المغفرة، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏(‏استغفروا ربكم إنه كان غفارا‏)ومن أعطي الشكر لم يمنع الزيادة، قال اللّه‏:‏ ‏{‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏}ومن أعطي التوبة لم يمنع القبول، قال اللّه‏:‏ ‏(‏وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات‏)‏‏.‏

وأخرج ابن مرويه عن ابن مسعود - رضي اللّه عنه - سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة، لإن اللّه تعالى يقول‏:‏{‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏}‏ ومن أعطي التوبة لم يحرم القبول، لإن اللّه يقول‏:‏(‏وهو الذي يقبل التوبة عن عباده‏)‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه والضياء المقدسي في المختارة، عن أنس - رضي اللّه عنه - قال قال‏:‏ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من ألهم خمسة لم يحرم خمسة، من ألهم الدعاء لم يحرم الإجابة؛ لأن اللّه يقول‏:‏ ‏(‏ادعوني أستجب لكم‏)ومن ألهم التوبة لم يحرم القبول؛ لأن اللّه يقول‏:‏ (‏وهو الذي يقبل التوبة عن عباده‏)‏ ومن ألهم الشكر لم يحرم الزيادة؛ لأن اللّه تعالى يقول‏:‏{‏لئن شكرتم لأزيدنكم‏}ومن ألهم الاستغفار لم يحرم المغفرة؛ لأن اللّه تعالى يقول‏:‏ ‏(‏استغفروا ربكم إنه كان غفارا‏)ومن ألهم النفقة لم يحرم الخلف، لأن اللّه تعالى يقول‏:‏ ‏(‏وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه‏)‏(سبأ:٢٩‏.‏‏)‏‏.‏

﴿ ٨