|
١٦ أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه، عن ابن عباس - رضي اللّه عنه - في الآية قال: كانت الرسل والؤمنون يستضعفهم قومهم ويقهرونهم ويكذبونهم ويدعونهم إلى أن يعودوا في ملتهم، فأبى اللّه لرسله والؤمنين أن يعودوا في ملة الكفر، وأمرهم أن يتوكلوا على اللّه وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يسكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز اللّه لهم وعدهم واستفتحوا كما أمرهم اللّه أن يستفتحوا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي اللّه عنه - في قوله: {ولنسكننكم الأرض من بعدهم} قال: وعدهم النصر في الدنيا، والجنة في الآخرة. فبين اله تعالى من يسكنها من عباده، فقال: (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (الرحمن:٤٦.) وإن للّه مقاما هو قائمه، وإن أهل الإيمان خافوا ذلك المقام فنصبوا، ودأبوا الليل والنهار. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - قال: لما أنزل اللّه على نبيه محمد صلى اللّه عليه وسلم (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) (التحريم:٦.) تلاها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة، فخر فتى مغشيا عليه، فوضع النبي صلى اللّه عليه وسلم يده على فؤاده، فإذا هو يتحرك، فقال: "يا فتى، قل لا إله إلا اللّه. فقالها فبشره بالجنة فقال أصحابه: يا رسول اللّه، أمن بيننا؟ قال: أما سمعتم قوله تعالى: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} ". وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا، عن عبد العزيز بن أبي رواد - رضي اللّه عنه قال: بلغني أن النبي صلى اللّه عليه وسلم تلا هذه الآية (يا أيها الذين أمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) (التحريم:٦) ولفظ الحكيم، لما أنزل اللّه على نبيه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية، تلاها على أصحابه وفيهم شيخ. ولفظ الحكيم، فتى. فقال: يا رسول اللّه، حجارة جهنم كحجارة الدنيا؟ فقال: النبي صلى اللّه عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لصخرة من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا. فوقع مغشيا عليه، فوضع النبي صلى اللّه عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو حي، فناداه فقال: قل لا إله إلا اللّه. فقالها، فبشره بالجنة: فقال أصحابه: يا رسول اللّه، أمن بيننا؟ فقال: نعم، يقول اللّه عز وجل (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (الرحمن:٤٦.) {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} ". وأخرج الحاكم من طريق حماد بن أبي حميد، عن مكحول عن عياض بن سليمان - رضي اللّه عنه - وكانت له صحبة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "خيار أمتي فيما أنبأني الملأ، الأعلى قوم يضحكون جهرا في سعة رحمة ربهم، ويبكون سرا من خوف عذاب ربهم، يذكرون ربهم بالغداة والعشي في البيوت الطيبة والمساجد، ويدعونه بألسنتهم رغبا ورهبا، ويسألونه بأيدهم خفضا ورفعا، ويقبلون بقلوبهم عودا وبدءا، فمؤنتهم على الناس خفيفة، وعلى أنفسهم ثقيلة، يدبون بالليل حفاة على أقدامهم كدبيب النمل، بلا روح ولا بذخ، يقرؤن القرآن ويقربون القربان ويلبسون الخلقان، عليهم من اللّه تعالى شهود حاضرة وعين حافظة، يتوسمون العباد ويتفكرون في البلاد، أرواحهم في الدنيا وقلوبهم في الآخرة، ليس لهم هم إلا أمامهم. أعدوا الجواز لقبورهم والجواز لسلبهم، والاستعداد لمقامهم، ثم تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} قال الذهبي - رضي اللّه عنه - هذا حديث عجيب منكر، وأحسبه أدخل علي بن السماك - رضي اللّه - عنه يعني شيخ الحاكم الذي حدثه به. قال: ولا وجه لذكره في هذا الكتاب - يعني المستدرك - قال وحماد ضعيف ولكن، لا يحتمل مثل هذا، ومكحول مدلس وعياض لا يدري من هو. انتهى. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد - رضي اللّه عنه - في قوله: {واستفتحوا} قال للرسل كلها. يقول: استنصروا. وفي قوله: {وخاب كل جبار عنيد} قال: معاند للحق، مجانب له. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة - رضي اللّه عنه - في قوله: {واستفتحوا} قال: استنصرت الرسل على قومها {وخاب كل جبار عنيد} يقول: بعيد عن الحق، معرض عنه، أبى أن يقول لا إله إلا اللّه. وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي - رضي اللّه عنه - في قوله: {عنيد} قال: هو الناكب عن الحق. وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب - رضي اللّه عنه - قال: يجمع اللّه الخلق في صعيد واحد يوم القيامة: الجن والإنس والدواب والهوام، فيخرج عنق من النار فيقول وكلت بالعزيز الكريم والجبار العنيد، الذي جعل مع اللّه إلها آخر. قال: فيلقطهم كما يلقط الطير الحب فيحتوي عليهم، ثم يذهب بهم إلى مدينة من النار، يقال لها كيت وكيت، فيثوون فيها عام قبل القضاء. وأخرج الترمذي وصححه، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي هريرة - رضي اللّه عنه - قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يخرج عنق من النار يوم القيامة، له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق، فيقول: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع اللّه إلها آخر، وبالمصورين". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني في الأوسط، وابن مردويه، عن أبي سعيد - رضي اللّه عنه - قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "يخرج عنق من النار يوم القيامة، فيتكلم بلسان طلق ذلق، له عينان يبصر بهما ولسان يتكلم به، فيقول: إني أمرت بكل جبار عنيد، ومن دعا مع اللّه إلها آخر، ومن قتل نفسا بغير نفس، فتنضم عليهم فتقذفهم في النار قبل الناس بخمسمائة سنة". وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى - رضي اللّه عنه - عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: "إن في جهنم واديا يقال له: هبهب، حق على اللّه أن يسكنه كل جبار". وأخرج الطستي عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {كل جبار عنيد} قال: الجبار، العيار، والعنيد الذي يعند عن حق اللّه تعالى. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول: مصر على الحنث لا تخفى شواكله * يا ويح كل مصر القلب جبار وأخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن أبي الدنيا في صفة النار، وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في الحلية وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور، عن أبي أمامة - رضي اللّه عنه - عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله: {ويسقى من ماء صديد يتجرعه} قال: "يقرب إليه فيتكرهه، فإذا دنا منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره". يقول اللّه تعالى: (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) (محمد:١٥)، قال: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) (الكهف:٢٩). وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - في قوله: {من ماء صديد} قال: ما يسيل بين جلد الكافر ولحمه. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم، عن عكرمة - رضي اللّه عنه - في قوله: {ويسقى من ماء صديد} قال: القيح والدم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور، عن مجاهد في قوله: {من ماء صديد} قال: دم وقيح. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة - رضي اللّه عنه - في قوله: {ويسقى من ماء صديد} قال: ماء يسيل من بين لحمه وجلده. وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن - رضي اللّه عنه - قال لو أن دلوا من صديد جهنم دلي من السماء فوجد أهل الأرض ريحه، لأفسد عليهم الدنيا. |
﴿ ١٦ ﴾