٢٢

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله{‏ولا يأتل أولو الفضل‏}‏ يقول‏:‏ لا تقسموا ان لا تنفقوا على أحد‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ كان مسطح بن اثاثة ممن تولى كبره من أهل الأفك، وكان قريبا لأبي بكر، وكان في عياله، فحلف أبو بكر رضي اللّه عنه ان لا ينيله خيرا أبدا، فأنزل اللّه{‏ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة‏}‏ قالت‏:‏ فأعاده أبو بكر إلى عياله وقال‏:‏ لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا تحللتها، وأتيت الذي هو خير‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله{‏ولا يأتل أولو الفضل منكم‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ نزلت هذه الآية في رجل من قريش يقال له مسطح، كان بينه وبين أبي بكر قرابة، وكان يتيما في حجره، وكان ممن أذاع على عائشة ما أذاع، فلما أنزل اللّه براءتها وعذرها، تألى أبو بكر لا يرزؤه خيرا، فأنزل اللّه هذه الآية‏.‏ فذكر لنا أن نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم دعا أبا بكر، فتلاها عليه فقال‏:‏ ألا تحب أن يغفر اللّه لك‏؟‏ قال‏:‏ بلى قال‏:‏ فاعف عنه وتجاوز فقال أبو بكر‏:‏ لا جرم‏.‏‏.‏‏.‏ واللّه لا أمنعه معروفا كنت أوليه قبل اليوم‏.

وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال‏:‏ كان ذو قرابة لأبي بكر ممن كثر على عائشة، فحلف أبو بكر لا يصله بشيء وقد كان يصله قبل ذلك، فلما نزلت هذه الآية ‏{‏ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة‏}‏ إلى آخر الآية فصار أبو بكر يضعف له بعد ذلك بعدما نزلت هذه الآية ضعفي ما كان يعطيه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ حلف أبو بكر لا ينفع مسطح بن أثاثة، ولا يصله، وكان بينه وبين أبي بكر قرابة من قبل النساء، فاقبل إلى أبي بكر يعتذر فقال مسطح‏:‏ جعلني اللّه فداءك واللّه الذي أنزل على محمد ما قذفتها، وما تكلمت بشيء مما قيل لها أي خالي - وكان أبو بكر خاله - قال أبو بكر‏:‏ ولكن قد ضحكت وأعجبك الذي قيل فيها قال‏:‏ لعله يكون قد كان بعض ذلك، فأنزل اللّه في شأنه ‏{‏ولا يأتل أولو الفضل‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن محمد بن سيرين قال‏:‏ حلف أبو بكر في يتيمين كانا في حجره، كانا فيمن خاض في أمر عائشة‏.‏ أحدهما مسطح بن اثاثة قد شهد بدرا، فحلف لا يصلهما ولا يصيبا منه خيرا‏.‏ فنزلت هذه الآية ‏{‏ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله{‏ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ كان ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد رموا عائشة بالقبيح، وأفشوا ذلك، وتكلموا فيها، فأقسم ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منهم أبو بكر، ان لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من هذا ولا يصلوه قال‏:‏ لا يقسم أولوا الفضل منكم والسعة ان يصلوا أرحامهم، وأن يعطوهم من أموالهم كالذي كانوا يفعلون قبل ذلك، فأمر اللّه ان يغفر لهم وأن يعفو عنهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن أبي سلمة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏"‏ما نقص مال من صدقة قط‏.‏ تصدقوا، ولا عفا رجل عن مظلمة إلا زاده اللّه عزا‏.‏ فاعفوا يعزكم اللّه، ولا فتح رجل على نفسه مسألة الناس إلا فتح اللّه له باب فقر‏.‏ إلا ان العفة خير‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في ذم الغضب، والخرائطي في مكارم الأخلاق، والحاكم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه، عن أبي وائل قال‏:‏ رأيت عبد اللّه أتاه رجل برجل نشوان فأقام عليه الحد ثم قال للرجل الذي جاء به‏:‏ ما أنت منه‏؟‏ قال‏:‏ عمه‏.‏ قال‏:‏ ما أحسنت الأدب ولا سترته ‏{‏وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون ان يغفر اللّه لكم‏}‏ ثم قال عبد اللّه‏:‏ اني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى اللّه عليه وسلم أتى رجل فلما أمر به لتقطع يده كأنما سف وجهه رمادا فقيل‏:‏ يا رسول اللّه كأن هذا شق عليك قال‏:‏ ‏"‏لا ينبغي ان تكونوا للشيطان عونا على أخيكم، فإنه لا ينبغي للحاكم إذا انتهى اليه حد إلا أن يقيمه، وإن اللّه عفو يحب العفو، ثم قرأ {‏وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون ان يغفر اللّه لكم‏}‏ ‏"‏‏.‏

﴿ ٢٢