|
٥ أخرج ابن أبي شيبه والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر: أن زيد بن حارثة مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد. حتى نزل القرأن {أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه} فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: أنت زيد بن حارثة بن شراحيل. وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة "أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عتبة بن عبد شمس، وكان ممن شهد بدرا تبنى سالما، وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لا مرأة من الانصار، كما تبنى النبي صلى اللّه عليه وسلم زيدا، وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس اليه وورثه من ميراثه حتى أنزل اللّه في ذلك {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه فإن لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم} فردوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت: ان سالما كان يدعى لأبي حذيفة رضي اللّه عنه، وإن اللّه قد أنزل في كتابه {ادعوهم لآبائهم} وكان يدخل علي، وأنا وحدي، ونحن في منزل ضيق، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ارضعي سالما تحرمي عليه). وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان من أمر زيد بن حارثة رضي اللّه عنه أنه كان في أخواله بني معن من بني ثعل من طيء، فأصيب في غلمة من طيء، فقدم به سوق عكاظ، وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد إلى عكاظ يتسوق بها، فأوصته عمته خديجة رضي اللّه عنها أي يبتاع لها غلاما ظريفا عربيا أن قدر عليه، فلما جاء وجد زيدا يباع فيها، فأعجبه ظرفه، فابتاعه فقدم به عليها وقال لها: اني قد ابتعت لك غلاما ظريفا عربيا، فإن أعجبك فخذيه وإلا فدعيه، فإنه قد أعجبني، فلما رأته خديجة اعجبها، فأخذته فتزوجها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو عندها، فأعجب النبي صلى اللّه عليه وسلم ظرفه، فاستوهبه منها فقالت: هو لك فإن أردت عتقه فالولاء لي، فأبى عليها فوهبته له ان شاء أعتق وإن شاء أمسك قال: فشب عند النبي صلى اللّه عليه وسلم. ثم انه خرج في إبل طالب إلى الشام، فمر بأرض قومه. فعرفه عمه، فقام إليه فقال: من أنت يا غلام؟ قال: غلام من أهل مكة. قال: من أنفسهم؟ قال: لا. فحر أنت أم مملوك؟ قال: بل مملوك قال: لمن؟ قال: لمحمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب فقال له: أعربي أنت أم عجمي؟ قال: بل عربي قال: ممن أهلك؟ قال: من كلب قال: من أي كلب؟ قال: من بني عبدود قال: ويحك..! ابن من أنت؟ قال: ابن حارثة بن شراحيل قال: وأين أصبت؟ قال: في أخوالي قال: ومن أخوالك؟ قال: طي قال: ما اسم أمك؟ قال: سعدي. فالتزمه وقال ابن حارثة: ودعا أباه وقال: يا حارثة هذا ابنك. فأتاه حارثة، فلما نظر إليه عرفه قال: كيف صنع مولاك إليك؟ قال: يؤثرني على أهله وولده، ورزقت منه حبا، فلا أصنع إلا ما شئت. فركب معه وأبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة، فلقوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال له حارثة: يا محمد أنتم أهل حرم اللّه وجيرانه، وعند بيته. تفكون العاني، وتطعمون الاسير. ابني عبدك، فامتن علينا، وأحسن إلينا في فدائه، فانك ابن سيد قومه فإنا سنرفع لك في الفداء ما أحببت. فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أعطيكم خيرا من ذلك قالوا: وما هو؟ قال: أخيره فإن اختاركم فخذوه بغير فداء، وإن اختارني فكفوا عنه قالوا: جزاك اللّه خيرا فقد أحسنت، فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا زيد اتعرف هؤلاء؟ قال: نعم. هذا أبي وعمي وأخي فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فأنا من قد عرفته، فإن اخترتهم فأذهب معهم، وإن اخترتني فأنا من تعلم فقال زيد: ما أنا بمختار عليك أحدا أبدا، أنت مني بمكان الوالد والعم قال له أبوه وعمه: يا زيد تختار العبودية على الربوبية؟ قال: ما أنا بمفارق هذا الرجل. فلما رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حرصه عليه قال: أشهدوا أنه حر، وانه ابني يرثني وأرثه، فطلبت نفس أبيه وعمه، لما رأوا من كرامته عليه، فلم يزل في الجاهلية يدعى: زيد بن محمد. حتى نزل القرأن {أدعوهم لآبائهم} فدعي زيد بن حارثة. وأخرج ابن عساكر من طريق زيد ابن شيبة عن الحسن بن عثمان رضي اللّه عنه قال: حدثني عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا: كان عامر بن ربيعة يقال له: عامر بن الخطاب وإليه كان ينسب، فأنزل اللّه فيه، وفي زيد بن حارثة، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن عمرو {ادعوهم لآبائهم..}. وأخرج ابن جرير عن أبي بكرة رضي اللّه عنه أنه قال: قال اللّه {أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه فإن لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم} فإنا ممن لا يعلم أبوه، وأنا من اخوانكم في الدين. وأخرج ابن جرير عن قتادة {أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه} أعدل عند اللّه {فإن لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم} فإذا لم تعلم من أبوه فانما هو أخوك في الدين ومولاك. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله {فإن لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم} قال: ان لم تعرف أباه فأخوك في الدين ومولاك مولى فلان. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في الآية يقول: ان لم تعلموا لهم آباء تدعوهم إليهم فانسبوهم اخوانكم في الدين إذ تقول: عبد اللّه، وعبد الرحمن، وعبيد اللّه، وأشباههم من الاسماء، وأن يدعى إلى اسم مولاه. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي اللّه عنه {فإن لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم} يقول: أخوك في الدين ومولاك مولى بني فلان. وأخرج ابن أبي حاتم عن سالم بن أبي الجعد قال: لما نزلت {ادعوهم لآبائهم} لم يعرفوا لسالم أبا ولكن مولى أبي حذيفة إنما كان حليفا لهم. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله {وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به} قال: هذا من قبل النهي في هذا وغيره {ولكن ما تعمدت قلوبكم} بعد ما أمرتم وبعد النهي. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به...} قال: لو دعوت رجلا لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس، ولكن ما أردت به العمد. وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال "واللّه ما أخشى عليك الخطأ، ولكن أخشى عليك العمد". وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم"اني لست أخاف عليكم الخطأ، ولكن أخاف عليكم العمد". |
﴿ ٥ ﴾