١١

أخرج ابن مردويه من طريق ابن عباس قال ‏{‏يس‏}‏ محمد صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ وفي لفظ قال‏:‏ يا محمد‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن محمد بن الحنفية في قوله{‏يس‏}‏ قال‏:‏ يا محمد‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله{‏يس‏}‏ قال‏:‏ يا إنسان‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وعكرمة والضحاك‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله{‏يس‏}‏ قال‏:‏ يا إنسان بالحبشية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أشهب قال‏:‏ سألت مالك بن أنس أينبغي لأحد أن يتسمى بيس‏؟‏ فقال‏:‏ ما أراه ينبغي لقوله ‏{‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ يقول‏:‏ هذا اسمي، تسميت به‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله اللّه ‏{‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ قال‏:‏ يقسم اللّه بما يشاء، ثم نزع بهذه الآية ‏{‏سلام على إل ياسين‏} ‏(‏الصافات ١٣٠‏)‏ كأنه يرى أنه سلم على رسوله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي كثير في قوله{‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ قال‏:‏ يقسم بألف عالم ‏{‏إنك لمن المرسلين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن كعب الأحبار في قوله{‏يس‏}‏ قال‏:‏ هذا قسم، أقسم به ربك قال ‏{‏يا محمد إنك لمن المرسلين‏}‏ قبل أن أخلق الخلق بألفي عام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله{‏يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين‏}‏ قال‏:‏ أقسم كما تسمعون أنه ‏{‏لمن المرسلين على صراط مستقيم‏}‏ أي على الإسلام ‏{‏تنزيل العزيز الرحيم‏}‏ قال‏:‏ هو القرأن ‏{‏لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم‏}‏ قال‏:‏ قريش لم يأت العرب رسول قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم، لم يأتهم ولا آباءهم رسول قبله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عكرمة ‏{‏لتنذر قوما ما أنذر آباءهم‏}‏ قال بعضهم ‏{‏لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم‏}‏ ما أنذر الناس من قبلهم، وقال بعضهم ‏{‏لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم‏}‏ أي هذه الأمة لم يأتهم نذير حتى جاءهم محمد صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله{‏لقد حق القول على أكثرهم‏}‏ قال‏:‏ سبق في علمه‏.‏

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال ‏"‏كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ في المسجد، فيجهر بالقرأءة، حتى تأذى به ناس من قريش، حتى قاموا ليأخذوه، وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم، وإذا هم لا يبصرون، فجاؤا إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا‏:‏ ننشدك اللّه والرحم يا محمد، ولم يكن بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى اللّه عليه وسلم فيهم قرأبة، فدعا النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى ذهب ذلك عنهم‏.‏ فنزلت{‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ إلى قوله ‏{‏أم لم تنذرهم لا يؤمنون‏}‏ قال‏:‏ فلم يؤمن من ذلك النفر أحد‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي اللّه عنه قال‏:‏ قال أبو جهل‏:‏ لئن رأيت محمدا لأفعلن‏.‏ ولأفعلن‏.‏‏.‏‏.‏ فنزلت{‏إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا‏}‏ إلى قوله ‏{‏لا يبصرون‏}‏ فكانوا يقولون‏:‏ هذا محمد فيقول‏:‏ أين هو أين هو‏.‏‏.‏‏.‏‏؟‏ لا يبصره‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله{‏وجعلنا من بين أيديهم سدا‏}‏ قال‏:‏ كفار قريش غطاء ‏{‏فأغشيناهم‏}‏ يقول‏:‏ ألبسنا أبصارهم ‏{‏فهم لا يبصرون‏}النبي صلى اللّه عليه وسلم فيؤذونه، وذلك أن ناسا من بني مخزوم تواطؤا بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ليقتلوه‏.‏ منهم أبو جهل، والوليد بن المغيرة‏.‏ فبينا النبي صلى اللّه عليه وسلم قائم يصلي يسمعون قرأءته، فأرسلوا إليه الوليد ليقتله، فانطلق حتى أتى المكان الذي يصلي فيه، فجعل يسمع قرأءته ولا يراه، فانصرف إليهم، فأعلمهم ذلك، فأتوه فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه، سمعوا قرأءته فيذهبون إليه فيسمعون أيضا من خلفهم، فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا‏.‏ فذلك قوله ‏{‏وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا‏.‏‏.‏‏}‏‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن محمد بن كعب القرظي قال‏:‏ اجتمع قريش‏.‏ وفيهم أبو جهل على باب النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا على بابه‏:‏ إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، وبعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم نار تحرقون فيها، فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأخذ حفنة من تراب في يده قال‏:‏ ‏"‏نعم‏.‏ أقول ذلك، وأنت أحدهم، وأخذ اللّه على أبصارهم فلا يرونه، فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم، وهو يتلو هذه الآيات ‏{‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ إلى قوله ‏{‏فأغشيناهم فهم لا يبصرون‏}‏ حتى فرغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من هؤلاء الآيات، فلم يبق رجل إلا وضع على رأسه ترابا، فوضع كل رجل منهم يده على رأسه، وإذا عليه تراب فقالوا‏:‏ لقد كان صدقنا الذي حدثنا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال ‏{‏الأغلال‏}‏ ما بين الصدر إلى الذقن ‏{‏فهم مقمحون‏}‏ كما تقمح الدابة باللجام‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قرأ{‏إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله{‏مقمحون‏}‏ قال‏:‏ مجموعة أيديهم إلى أعناقهم تحت الذقن‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏مقمحون‏}‏ قال المقمح‏:‏ الشامخ بأنفه، المنكس برأسه‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت قول الشاعر‏:‏

ونحن على جوانبها قعود * نغض الطرف كالإبل القماح

وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق عن الضحاك رضي اللّه عنه في قوله{‏إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا‏}‏ قال‏:‏ البخل‏.‏ أمسك اللّه أيديهم عن النفقة في سبيل اللّه ‏{‏فهم لا يبصرون‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي اللّه عنه في قوله{‏إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا‏}‏ قال‏:‏ في بعض القرأءآت ‏"‏إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون‏)‏ قال‏:‏ مغلولون عن كل خير‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏فهم مقمحون‏}‏ قال‏:‏ رافعوا رؤوسهم، وأيديهم موضوعة على أفواههم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ"‏وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا‏"‏ برفع السين فيهما ‏{‏فأغشيناهم‏}‏ بالغين‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ اجتمعت قريش بباب النبي صلى اللّه عليه وسلم، ينتظرون خروجه ليؤذوه، فشق ذلك عليه، فأتاه جبريل بسورة ‏{‏يس‏}‏ وأمره بالخروج عليهم، فأخذ كفا من تراب، وخرج وهو يقرأ وها ويذر التراب على رؤوسهم، فما رأوه حتى جاز، فجعل أحدهم يلمس رأسه، فيجد التراب وجاء بعضهم فقال‏:‏ ما يجلسكم‏؟‏ قالوا‏:‏ ننتظر محمدا فقال‏:‏ لقد رأيته داخلا المسجد قالوا‏:‏ قوموا فقد سحركم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال‏:‏ اجتمعت قريش فبعثوا عتبة بن ربيعة فقالوا‏:‏ ائت هذا الرجل، فقل له إن قومك يقولون‏:‏ إنك جئت بأمر عظيم، ولم يكن عليه آباؤنا، ولا يتبعك عليه أحلامنا، وإنك إنما صنعت هذا أنك ذو حاجة، فإن كنت تريد المال فإن قومك سيجمعون لك ويعطونك، فدع ما تريد وعليك بما كان عليه آباؤك، فانطلق إليه عتبة فقال له‏:‏ الذي أمروه، فلما فرغ من قوله وسكت‏.‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ ‏(‏بسم اللّه الرحمن الرحيم، حم تنزيل من الرحمن الرحيم‏)‏ ‏(‏فصلت ١ - ٢‏)‏ فقرأ عليه من أولها حتى بلغ ‏(‏فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود‏)‏(‏فصلت ١٣‏)‏ فرجع عتبة فأخبرهم الخبر، فقال‏:‏ لقد كلمني بكلام ما هو بشعر، ولا بسحر، وإنه لكلام عجيب، ما هو بكلام الناس، فوقعوا به، وقالوا نذهب إليه بأجمعنا، فلما أرادوا ذلك، طلع عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فعمدهم حتى قام على رؤوسهم، وقال {بسم اللّه الرحمن الرحيم‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ حتى بلغ ‏{‏إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا‏}‏ فضرب اللّه بأيديهم على أعناقهم، فجعل من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا، فأخذ ترابا، فجعله على رؤوسهم، ثم انصرف عنهم، ولا يدرون ما صنع بهم، فعجبوا وقالوا‏:‏ ما رأينا أحدا قط أسحر منه أنظروا ما صنع بنا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي اللّه عنه قال‏:‏ ائتمر ناس من قريش بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ليسطوا عليه، فجاؤا يريدون ذلك، فجعل اللّه ‏{‏من بين أيديهم سدا‏}‏ قال‏:‏ ظلمة ‏{‏ومن خلفهم سدا‏}‏ قال‏:‏ ظلمة ‏{‏فأغشيناهم فهم لا يبصرون‏}‏ قال‏:‏ فلم يبصروا النبي صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال‏:‏ كان ناس من المشركين من قريش يقول بعضهم لبعض‏:‏ لو قد رأيت محمدا لفعلت به كذا وكذا، فأتاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهم في حلقة في المسجد، فوقف عليهم فقرأ {‏يس والقرآن الحكيم‏}‏ حتى بلغ ‏{‏لا يبصرون‏}‏ ثم أخذ ترابا، فجعل يذره على رؤوسهم، فما يرفع إليه رجل طرفه، ولا يتكلم كلمة، ثم جاوز النبي صلى اللّه عليه وسلم، فجعلوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم، واللّه ما سمعنا، واللّه ما أبصرنا، واللّه ما عقلنا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله{‏وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا‏}‏ قال‏:‏ عن الحق ‏{‏فهم‏}‏ يترددون ‏{‏فأغشيناهم فهم لا يبصرون‏}‏ هدى، ولا ينتفعون به‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال‏:‏ جعل هذا السد بينهم وبين الإسلام والإيمان، فلم يخلصوا إليه‏.‏ وقرأ{‏وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون‏}‏ من منعه اللّه لا يستطيع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي، أنه كان يقرأ ‏"‏من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا‏"‏ بنصب السين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه قرأ{‏فأغشيناهم‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله{‏إنما تنذر من اتبع الذكر‏}‏ قال‏:‏ اتباع الذكر اتباع القرأن ‏{‏وخشي الرحمن بالغيب‏}‏ قال‏:‏ خشي عذاب اللّه وناره ‏{‏فبشره بمغفرة وأجر كريم‏}‏ قال‏:‏ الجنة‏.‏

﴿ ١١