١٤

أخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم‏}‏ قال‏:‏ الذين أسلموا فعنوا أيضا عبد اللّه بن نبتل وأوس بن قيظي‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ الناس على ثلاثة منازل قد مضت منزلتان وبقيت منزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه إن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت، ثم قرأ ‏{‏للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم‏}‏ الآية، ثم قال‏:‏ هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة وقد مضت ثم قرأ ‏{‏والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم‏}‏ الآية ثم قال‏:‏ هؤلاء الأنصار وهذه منزلة وقد مضت، ثم قرأ ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمانْ‏}‏ فقد مضت هاتان المنزلتان وبقيت هذه المنزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي اللّه عنه ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم‏}‏ الآية قال‏:‏ أمروا بالاستغفار لهم، وقد علم ما أحدثوا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية ‏{‏والذين جاؤوا يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذي سبقونا بالإيمان‏}

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه سمع رجلا وهو يتناول بعض المهاجرين، فقرأ عليه ‏{‏للفقراء المهاجرين‏}‏ الآية، ثم قال‏:‏ هؤلاء المهاجرون فمنهم أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا ثم قرأ عليه ‏{‏والذين تبوؤا الدار والإيمان‏}‏ الآية، ثم قال‏:‏ هؤلاء الأنصار أفأنت منهم‏؟‏ قال‏:‏ لا ثم قرأ عليه ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم‏}‏ الآية، ثم قال‏:‏ أفمن هؤلاء أنت‏؟‏ قال‏:‏ أرجو قال‏:‏ لا ليس من هؤلاء من يسب هؤلاء‏.‏

وأخرج ابن مردويه من وجه آخرعن ابن عمر أنه بلغه أن رجلا نال من عثمان، فدعاه فأقعده بين يديه، فقرأ عليه ‏{‏للفقراء المهاجرين‏}‏ الآية قال‏:‏ من هؤلاء أنت‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ثم قرأ ‏{‏والذين جاؤوا من بعدهم‏}‏ الآية، قال‏:‏ من هؤلاء أنت‏؟‏ قال‏:‏ أرجوا أن أكون منهم‏.‏ قال‏:‏ لا واللّه ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قلبه الغل عليهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ ‏{‏ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا‏}‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي النسائي عن أنس رضي اللّه عنه قال‏:‏ ‏"‏بينا نحن عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ يطلع الآن رجل من أهل الجنة فأطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته ماء من وضوئه، معلق نعليه في يده الشمال، فلما كان من الغد‏.‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فاطلع ذلك الرجل على مثل مرتبته الأولى، فلما كان من الغد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مثل ذلك، فأطلع ذلك الرجل، فلما قام الرجل أتبعه عبد اللّه بن عمرو بن العاص فقال‏:‏ إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تحل يميني فعلت‏.‏ قال‏:‏ نعم، قال أنس‏:‏ فكان عبد بن عمرو يحدث أنه بات معه ليلة فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه كان إذا تقلب على فراشه ذكر اللّه وكبر، حتى يقوم لصلاة الفجر فيسبغ الوضوء غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الليالي الثلاث وكدت احتقر عمله قلت‏:‏ يا عبد اللّه إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فأطلعت أنت تلك المرات الثلاث، فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك، فإذا ما هو إلا ما رأيت فانصرفت عنه فلما وليت دعاني فقال‏:‏ ما هو إلا ما قد رأيت غير أني لا أجد في نفسي غلا لأحد من المسلمين، ولا أحسده على خير أعطاه اللّه إياه، فقال له عبد اللّه بن عمرو‏:‏ هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد العزيز بن أبي رواد قال‏:‏ ‏"‏بلغنا أن رجلا صلى مع النبي صلى اللّه عليه وسلم، فلما انصرف قال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ هذا الرجل من أهل الجنة‏.‏

قال عبد اللّه بن عمروا‏:‏ فأتيته فقلت‏:‏ يا عماه الضيافة، قال نعم، فإذا له خيمة وشاة ونخل، فلما أمسى خرج من خيمته فاحتلب العنز واجتنى لي رطبا ثم وضعه، فأكلت معه فبات نائما وبت قائما، وأصبح مفطرا وأصبحت صائما، ففعل ذلك ثلاث ليال، فقلت له‏:‏ إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال فيك‏:‏ إنك من أهل الجنة فأخبرني ما عملك‏؟‏ فائت الذي أخبرك حتى يخبرك بعملي فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال‏:‏ ائته فمره أن يخبرك فقلت‏:‏ إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأمرك أن تخبرني‏.‏ قال‏:‏ أما الآن فنعم فقال‏:‏ لو كانت الدنيا لي فأخذت مني لم أحزن عليها، ولو أعطيتها لم أفرح بها وأبيت وليس في قلبي غل على أحد قال عبد اللّه‏:‏ لكني واللّه أقوم الليل وأصوم النهار ولو وهبت لي شاة لفرحت بها، ولو ذهبت لحزنت عليها، واللّه لقد فضلك اللّه علينا فضلا بينا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏ألم تر إلى الذين نافقوا‏}‏ قال عبد اللّه بن أبي بن سلول ورفاعة بن تابوت وعبد اللّه بن نبتل وأوس بن قيظي وإخوانهم بنو النضير‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس أن رهطا من بني عوف بن الحارث منهم عبد اللّه بن أبي بن سلول ووديعة بن مالك وسويد وداعس بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لا نسلمكم، وإن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف اللّه الرعب في قلوبهم، فسألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يجليهم، ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة، ففعل، فكان الرجل منهم يهدم بيته فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ قدأسلم ناس من أهل قريظة والنضير، وكان فيهم منافقون، وكانوا يقولون لأهل النضير‏:‏ لئن أخرجتم لنخرجن معكم، فنزلت فيهم هذا الآية ‏{‏ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏ألم تر إلى الذين نافقوا‏}‏ قال‏:‏ عبد اللّه بن أبي سلول ورفاعة بن تابوت وعبد اللّه بن نبتل وأوس بن قيظي ‏{‏يقولون لإخوانهم‏}‏ قال‏:‏ النضير ‏{‏بأسهم بينهم شديد‏}‏ قال‏:‏ بالكلام ‏{‏تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى‏}‏ قال‏:‏ المنافقون يخالف دينهم دين النضير ‏{‏كمثل الذين من قبلهم قريبا‏}‏ قال‏:‏ كفار قريش يوم بدر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى‏}‏ قال‏:‏ كذلك أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق ‏{‏كمثل الذين من قبلهم قريبا‏}‏ قال‏:‏ هم بنو النضير‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى‏}‏ قال‏:‏ هم المشركون‏.‏

وأخرج الديلمي عن علي قال‏:‏ المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادون وإن افترقت منازلهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة خونة وإن اجتمعت أبدانهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد ‏{‏كمثل الذين من قبلهم قريبا‏}‏ قال‏:‏ هم كفار قريش يوم بدر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن قتادة ‏{‏كمثل الذين من قبلهم قريبا‏}‏ قال‏:‏ هم بنو النضير‏.‏

﴿ ١٤