|
٦ أخرج أحمد والحميدي وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو عوانة وابن حبان وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وأبو نعيم معا في الدلائل عن علي قال: بعثني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنا والزبير والمقداد، فقال: انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها، فائتوني به، فخرجنا حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، فقلنا: أخرجي الكتاب. قالت: ما معي كتاب. قلنا: لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبي صلى اللّه عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ما هذا يا حاطب؟ قال: لا تعجل علي يا رسول اللّه، إني كنت امرأ ملصقا من قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان من معك من المهاجرين لهم: قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: صدق، فقال عمر: دعني يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأضرب عنقه، فقال إنه شهد بدرا وما يدريك لعل اللّه اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، ونزلت فيه {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة}. وأخرج أبو يعلى وابن المنذر من طريق الحارث عن علي قال: لما أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يأتي مكة أسر إلى ناس من أصحابه أنه يريد الدخول إلى مكة منهم حاطب بن أبي بلتعة، وأفشى في الناس أنه يريد خيبر، فكتب حاطب إلى أهل مكة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يريدكم، فأخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فبعثني أنا ومن معي فقال: ائتوا روضة خاخ فذكر له ما تقدم فأنزل اللّه {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم} الآية. وأخرج ابن المنذرر من طريق قتادة وابن مردويه عن أنس رضي اللّه عنه في الآية قال: لما أراد النبي صلى اللّه عليه وسلم السيرورة من الحديبية إلى مشركي قريش كتب إليها حاطب بن أبي بلتعة يحذرهم، فأطلع اللّه نبيه على ذلك، فوجد الكتاب مع امرأة في قرن من رأسها فقال له: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: أما واللّه ما ارتبت في أمر اللّه، ولا شككت فيه، ولكنه كان لي بها أهل ومال، فأردت مصانعة قريش، وكان حليفا لهم، ولم يكن منهم، فأنزل اللّه فيه القرآن {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم} الآية. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم} الآية، قال: نزلت في رجل كان مع النبي صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة من قريش كتب إلى أهل وعشيرته بمكة يخبرهم وينذرهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سائر إليهم، فأخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بصحيفته فبعث علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، فأتاه بها. وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، قال: كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين بكتاب فجيء به إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال: يا حاطب ما دعاك إلى ما صنعت؟ قال: يا رسول اللّه كان أهلي فيهم فخشيت أن يصرموا عليهم، فقلت: أكتب كتابا لا يضر اللّه ورسوله، فقلت: أضرب عنقه يا رسول اللّه فقد كفر، فقال: وما يدريك يا ابن الخطاب أن يكون اللّه أطلع على أهل العصابة من أهل بدر؟ فقال: "اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم". وأخرج ابن مردويه من طريق شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة، وحاطب رجل من أهل اليمن كان حليفا للزبير بن العوام من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم قد شهد بدرا، وكان بنوه وإخوته بمكة، فكتب حاطب وهو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة إلى كفار قريش بكتاب ينتصح لهم فيه، فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عليا والزبير، فقال لهما انطلقا حتى تدركا امرأة معها كتاب، فخذا الكتاب، فائتياني به، فانطلقا حتى أدركا المرأة بحليفة بني أحمد، وهي من المدينة على قريب من اثني عشر ميلا، فقالا لها: أعطينا الكتاب الذي معك. قالت: ليس معي كتاب. قالا كذبت قد حدثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن معك كتابا، واللّه لتعطين الكتاب الذي معك أو لا نترك عليك ثوبا إلا التمسنا فيه. قالت: أولستم بناس مسلمين؟ قالا: بلى، ولكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد حدثنا أن معك كتابا حتى إذ ظنت أنهما ملتمسان كل ثوب معها حلت عقاصها، فأخرجت لهما الكتاب من بين قرون رأسها كانت قد اعتقصت عليه، فأتيا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإذا هو كتاب من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة فدعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حاطبا، قال: أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: نعم قال: فما حملك على أن تكتب به؟ قال حاطب: أما واللّه ما ارتبت منذ أسلمت في اللّه عز وجل، ولكني كنت امرأ غريبا فيكم أيها الحي من قريش وكان لي بنون وإخوة بمكة فكتبت إلى كفار قريش بهذا الكتاب لكي أدفع عنهم، فقال عمر: ائذن لي يا رسول اللّه أضرب عنقه. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "دعه فإنه قد شهد بدرا، وإنك لا تدري لعل اللّه أطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فإني غافر لكم ما عملتم فأنزل اللّه في ذلك {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} حتى بلغ {لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة لمن كان يرجو اللّه واليوم الآخر}. أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عروة مرسلا. وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي اللّه عنه قال: أمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس يوم الفتح إلا أربعة: عبد اللّه بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح وأم سارة، فذكر الحديث قال: وأما أم سارة فإنها كانت مولاة لقريش فأتت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فشكت إليه الحاجة، فأعطاها شيئا، ثم أتاها رجل، فبعث معها بكتاب إلى أهل مكة يتقرب بذلك إليها لحفظ عياله، وكان له بها عيال، فأخبر جبريل النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك، فبعث في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنهما، فلقياها في الطريق، ففتشاها، فلم يقدرا على شيء معها، فأقبلا راجعين، ثم قال أحدهما لصاحبه: واللّه ما كذبنا ولا كذبنا ارجع بنا إليها، فرجعا إليها، فسلا سيفهما، فقالا: واللّه لنذيقنك الموت أو لتدفعن إلينا الكتاب، فأنكرت، ثم قالت: أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقبلا ذلك منها فحلت عقاص رأسها، فأخرجت الكتاب من قرن من قرونها، فدفعته إليهما، فرجعا به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدعاه إليه، فدعا الرجل فقال: ما هذا الكتاب؟ فقال: أخبرك يا رسول اللّه أنه ليس من رجل ممن معك إلا وله بمكة من يحفظ عياله، فكتبت بهذا الكتاب ليكونوا لي في عيالي، فأنزل اللّه {يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} الآية. وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين كتابا يذكر فيه مسير النبي صلى اللّه عليه وسلم، فبعث به مع امرأة فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في طلبها فأخذ الكتاب منها فجيء به إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فدعا حاطبا فقال: أنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: نعم يا رسول اللّه، أما واللّه إني لمؤمن باللّه وبرسوله، وما كفرت منذ أسلمت ولا شككت منذ استيقنت، ولكني كنت امرأ لا نسب لي في القوم، إنما كنت حليفهم، وفي أيديهم من أهلي ما قد علمت، فكتبت إليهم بشيء قد علمت أن لن يغني عنهم من اللّه شيئا أراده أن أدرأ به عن أهلي ومالي، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول اللّه خل عني وعن عدو اللّه هذا المنافق فأضرب عنقه، فنظر إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نظرا عرف عمر أنه قد غضب، ثم قال: "ويحك يا عمر بن الخطاب وما يدريك لعل اللّه قد اطلع على أهل موطن من مواطن الخير فقال للملائكة: اشهدوا أني قد غفرت لأعبدي (لعبادي؟؟) هؤلاء فليعملوا ما شاؤوا؟ قال عمر: اللّه ورسوله أعلم. قال: "إنهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر إنهم أهل بدر، فاجتنب أهل بدر إنهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر". وأخرج أحمد وعبد بن حميد عن جابر أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يذكر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أراد غزوهم، فدل النبي صلى اللّه عليه وسلم على المرأة التي معها الكتاب، فأرسل إليها، فأخذ كتابها من رأسها، فقال: يا حاطب أفعلت؟ قال: نعم أما إني لم أفعل غشا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ولا نفاقا قد علمت أن اللّه مظهر رسوله ومتم له غير أني كنت غريبا بين ظهرانيهم، وكانت والدتي فأردت أن أخدمها عندهم، فقال له عمر: ألا أضرب رأس هذا؟ قال: أتقتل رجلا من أهل بدر، وما يدريك لعل اللّه قد اطلع على أهل بدر وقال: "اعملوا ما شئتم". وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي عن جابر أن عبدا لحاطب بن أبي بلتعة جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليشتكي حاطبا فقال: يا رسول اللّه ليدخلن حاطب النار، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "كذبت لا يدخلها فإنه قد شهد بدرا والحديبية". وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن جبير قال: اسم الذي أنزلت فيه {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} حاطب بن أبي بلتعة. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يحذرهم سيرورة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زمن الحديبية، فأطلع اللّه نبيه على ذلك، فقال له نبي اللّه: ما حملك على الذي صنعت؟ قال: أما واللّه ما شككت في أمري، ولا ارتبت فيه، ولكن كان لي هناك مال وأهل، فأردت مصانعة قريش على أهلي ومالي، وذكر لنا أنه كان حليفا لقريش، ولم يكن من أنفسهم، فأنزل اللّه القرآن وقال: {إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء} إلى قوله: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك} قال: يقول فلا تأسوا في ذلك فإنها كانت موعدة وعدها إياه ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا يقول: لا تظهرهم علينا ففتنوا بذلك يرون أنهم إنما ظهروا لأنهم أولى بالحق منا. وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} إلى قوله {بما تعملون بصير} قال: في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم. وفي قوله {إلا قول إبراهيم لأبيه} قال: نهوا أن يأتسوا باستغفار إبراهيم لأبيه فيستغفروا للمشركين. وفي قوله: {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} قال: لا تعذبنا بأيديهم ولا تعذب من عبدك فيقولوا: لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا. وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} إلى قوله: {بصير} في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم، وقوله: {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك} نهو أن يتأسوا باستغفار إبراهيم لأبيه، وقوله: {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك، فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس {لقد كان لكم أسوة حسنة} قال: في صنع إبراهيم كله إلا في الاستغفار لأبيه لا يستغفر له وهو مشرك. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} يقول: لا تسلطهم علينا فيفتنونا. |
﴿ ٦ ﴾