٧

أخرج النحاس عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة الإنسان بمكة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال‏:‏ أنزلت بمكة سورة ‏{‏هل أتى على الإنسان‏}‏‏.‏

وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة الإنسان بالمدينة‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر قال‏:‏ ‏"‏جاء رجل من الحبشة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ سل واستفهم، فقال‏:‏ يا رسول اللّه فضلتم علينا بالألوان والصور والنبوة أفرأيت إن آمنت به، وعملت بمثل ما عملت به إني لكائن معك في الجنة‏؟‏ قال‏:‏ نعم، والذي نفسي بيده إنه ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام، ثم قال‏:‏ من قال لا إله إلا اللّه كان له عهد عند اللّه، ومن قال‏:‏ سبحان اللّه وبحمده كتبت له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة، ونزلت عليه هذه السورة{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏ملكا كبيرا‏}‏ فقال الحبشي‏:‏ وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة‏؟‏ قال‏:‏ نعم، فاشتكى حتى فاضت نفسه‏.‏ قال ابن عمر‏:‏ فلقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدليه في حفرته بيده‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن محمد بن مطرف قال‏:‏ حدثني الثقة أن رجلا أسود كان يسأل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن التسبيح والتهليل، فقال له عمر بن الخطاب‏:‏ مه أكثرت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال‏:‏ مه يا عمر، وأنزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر‏}‏ حتى إذا أتى على ذكر الجنة زفر الأسود زفرة خرجت نفسه فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ مات شوقا إلى الجنة‏.‏

وأخرج ابن وهب عن ابن زيد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ هذه السورة ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر‏}‏ وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود، فلما بلغ صفة الجنان زفر زفرة فخرجت نفسه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أخرج نفس صاحبكم الشوق إلى الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن أبي ذر قال‏:‏ قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر‏}‏ حتى ختمها ثم قال‏:‏ ‏"‏إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطت السماء، وحق له أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا ملك واضع جبهته ساجدا للّه، واللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، لخرجتم إلى الصعدات تجارون‏"‏‏.‏

أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر‏}‏ قال‏:‏ الإنسان أتى عليه حين من الدهر ‏{‏لم يكن شيئا مذكورا‏}‏ قال‏:‏ إنما خلق الإنسان ههنا حديثا ما يعلم من خليقة اللّه خليقة كانت بعد إلا هذا الإنسان‏.‏

وأخرج ابن المبارك وأبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه سمع رجلا يقرأ ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا‏}‏ فقال عمر‏:‏ ليتها تمت‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن مسعود أنه سمع رجلا يتلو هذه الآية ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا‏}‏ فقال ابن مسعود‏:‏ يا ليتها تمت فعوتب في قوله‏:‏ هذا، فأخذ عودا من الأرض فقال‏:‏ يا ليتني كنت مثل هذا‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر‏}‏ قال‏:‏ إن آدم آخر ما خلق من الخلق‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏هل أتى على الإنسان‏}‏ قال‏:‏ كل إنسان‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال‏:‏ إن من الحين حينا لا يدرك‏.‏ قال اللّه‏:‏ ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا‏}‏ واللّه ما يدري كم أتى عليه حتى خلقه اللّه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه تلا هذه الآية ‏{‏هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا‏}‏ قال‏:‏ أي وعزتك يا رب فجعلته سميعا بصيرا وحيا وميتا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ إذا جئناكم بحديث أتيناكم بتصديقه من كتاب اللّه إن النطفة تكون في الرحم أربعين، ثم تكون مضغة أربعين، فإذا أراد اللّه أن يخلق الخلق نزل الملك فيقول له اكتب، فيقول ماذا أكتب‏؟‏ فيقول‏:‏ اكتب شقيا أو سعيدا ذكرا أو أنثى، وما رزقه، وأثره، وأجله، فيوحي اللّه بما يشاء، ويكتب الملك، ثم قرأ عبد اللّه{‏إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه‏}‏ ثم قال عبد اللّه‏:‏ أمشاجها عروقها‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله‏:‏ ‏{‏أمشاج‏}‏ قال‏:‏ العروق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏من نطفة أمشاج‏}‏ قال‏:‏ من ماء الرجل وماء المرأة حين يختلطان‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏من نطفة أمشاج‏}‏ قال‏:‏ هو نزول الرجل والمرأة يمشج بعضه ببعض‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله‏:‏ ‏{‏من نطفة أمشاج‏}‏ قال‏:‏ اختلاط ماء الرجل وماء المرأة إذا وقع في الرحم‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت أبا ذؤيب وهو يقول‏:‏

كأن الريش والفوقين منه * خلال النصل خالطه مشيج

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال مشج ماء الرجل بماء المرأة فصار خلقا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الربيع قال‏:‏ إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فهو أمشاج‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال‏:‏ الأمشاج إذا اختلط الماء والدم، ثم كان علقة ثم كان مضغة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في الآية، قال‏:‏ خلق من نطفة مشجت بدم، وذلك الدم الحيض إذا حملت ارتفع الحيض‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏من نطفة أمشاج‏}‏ قال‏:‏ مختلفة الألوان‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏من نطفة أمشاج‏}‏ قال‏:‏ ألوان نطفة الرجل بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وحمراء‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ الأمشاج الذي يخرج على أثر البول، كقطع الأوتار ومنه يكون الولد‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم قال‏:‏ الأمشاج العروق التي في النطفة‏.‏

وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏من نطفة أمشاج‏}‏ قال‏:‏ ألوان الخلق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ‏{‏إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه‏}‏ قال‏:‏ طورا نطفة وطورا علقة وطورا مضغة وطورا عظما ‏{‏ثم كسونا العظام لحما‏}‏ وذلك أشد ما يكون إلى كسي اللحم ‏{‏ثم أنشأناه خلقا آخر‏}‏ قال‏:‏ أنبت له الشعر ‏{‏فتبارك اللّه أحسن الخالقين‏}‏ فأنباه اللّه مم خلقه، وأنباه إنما بين ذلك ليبتليه بذلك، ليعلم كيف شكره ومعرفته لحقه، فبين اللّه له ما أحل له وما حرم عليه ثم قال‏:‏ ‏{‏إنا هديناه السبيل إما شاكرا‏}‏ لنعم اللّه{‏وإما كفورا‏}‏ بها‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ الأمشاج منه العظام والعصب والعروق من الرجل واللحم والدم والشعر من المرأة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عكرمة في قوله‏:‏ ‏{‏أمشاج‏}‏ قال‏:‏ الظفر والعظم والعصب من الرجل، واللحم والشعر من المرأة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ‏{‏إنا هديناه السبيل‏}‏ قال‏:‏ السبيل الهدى‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏إنا هديناه السبيل‏}‏ قال‏:‏ الشقاوة والسعادة‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عطية العوفي ‏{‏إنا هديناه السبيل‏}‏ قال‏:‏ الخير والشر‏.‏

وأخرج أحمد وابن المنذر عن جابر بن عبد اللّه قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كل مولد يولد على الفطرة حتى يعبر عنه لسانه، فإذا عبر عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا واللّه تعالى أعلم‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا‏}‏ قال‏:‏ تمزج به ‏{‏عينا يشرب بها عباد اللّه يفجرونها تفجيرا‏}‏ قال‏:‏ يقودونها حيث يشاؤوا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ‏{‏إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا‏}‏ قال‏:‏ قوم يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك ‏{‏عينا يشرب بها عباد اللّه يفجرونا تفجيرا‏}‏ قال‏:‏ يستفيد ماؤهم يفجرونها حيث شاؤوا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ‏{‏كان مزاجها‏}‏ قال طعمها‏:‏ ‏{‏يفجرونها تفجيرا‏}‏ قال‏:‏ الأنهار يجرونها حيث شاؤوا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن إسحق قال في قراءة عبد اللّه‏:‏ ‏"‏كأسا صفرا كان مزاجها‏"‏‏.‏

وأخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن شوذب في قوله‏:‏ ‏{‏يفجرونها تفجيرا‏}‏ قال‏:‏ معهم قضبان ذهب يفجرون بها تتبع قضبانهم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏يوفون بالنذر‏}‏ قال‏:‏ كانوا يوفون بطاعة اللّه من الصلاة والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم، فسماهم اللّه الأبرار لذلك، فقال‏:‏ ‏{‏يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا‏}‏ قال‏:‏ استطاروا للّه شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ‏{‏يوفون بالنذر‏}‏ قال‏:‏ إذا نذروا في حق اللّه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ‏{‏يوفون بالنذر‏}‏ قال‏:‏ كل نذر في شكر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق في المصنف والطبراني عن ابن عباس قال‏:‏ جاء رجل إلى النبي فقال‏:‏ إني نذرت أن أنحر نفسي، فشغل النبي صلى اللّه عليه وسلم، فذهب الرجل، فوجد يريد أن ينحر نفسه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الحمد للّه الذي جعل في أمتي من وفي بالنذر، ويخاف{‏يوما كان شره مستطيرا‏}أهد مائة ناقة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال‏:‏ لما صدر النبي صلى اللّه عليه وسلم بالأسارى عن بدر أنفق سبعة من المهاجرين على أسارى مشركي بدر منهم أبو بكر وعمر وعلي والزبير وعبد الرحمن وسعد وأبو عبيدة بن الجراح، فقالت الأنصار‏:‏ قتلناهم في اللّه وفي رسوله وتوفونهم بالنفقة، فأنزل اللّه فيهم تسع عشرة آية ‏{‏إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏عينا فيها تسمى سلسبيلا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏كان شره مستطيرا‏}‏ قال‏:‏ فاشيا‏.‏

﴿ ٧