٢١

أخرج أحمد وعبد بن حميد والحاكم والترمذي وصححاه والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن حبان وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إن العبد إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه‏.‏ وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه، فذلك الران الذي ذكر اللّه في القرآن {‏كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن بعض الصحابة أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من قتل مؤمنا أسود سدس قلبه، وإن قتل اثنين أسود ثلث قلبه، وإن قتل ثلاثة رين على قلبه فلم يبال ما قتل، فذلك قوله‏:‏{‏بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج الفريابي والبيهقي عن حذيفة رضي اللّه عنه قال‏:‏ القلب هكذا مثل الكف فيذنب الذنب فينقبض منه ثم يذنب الذنب فينقبض منه حتى يختم عليه فيسمع الخير، فلا يجد له مساغا ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ يجمع فإذا اجتمع طبع عليه، فإذا سمع خيرا دخل في أذنيه حتى يأتي القلب فلا يجد فيه مدخلا فذلك قوله‏:‏ ‏{‏بل ران على قلوبهم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه قال‏:‏ كانوا يرون أن القلب مثل الكف، وذكر مثله‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم التيمي رضي اللّه عنه في قوله‏:‏ ‏{‏كلا بل ران على قلوبهم‏}‏ قال‏:‏ إذا عمل الرجل الذنبي نكت في قلبه نكتة سوداء ثم يعمل الذنب بعد ذلك، فينكت في قلبه نكتة سوداء، ثم كذلك حتى يسود عليه، فإذا ارتاح العبد، قال‏:‏ ييسر له عمل صالح فيذهب من السودا بعضه ثم ييسر له عمل صالح أيضا فيذهب من السواد بعضه، ثم ييسر له أيضا عمل صالح فيذهب من السواد بعضه، ثم كذلك حتى يذهب السوء كله‏.‏

وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول‏:‏ ‏"‏لن تتفكروا بخير ما استغنى أهل بدوكم عن أهل حضركم وليسوقنهم السنون والسنات حتى يكونوا معكم في الديار، ولا تتمنعوا منهم لكثرة من يسير عليكم منهم‏.‏ قال‏:‏ يقولون طالما جعنا وشبعتم، وطالما شقينا ونعمتم فواسونا اليوم ولتستصعبن بكم الأرض حتى يغيظ أهل حضركم أهل بدوكم، ولتميلن بكم الأرض ميلة يهلك منا من هلك ويبقى من بقي حتى تعتق الرقاب، ثم تهدأ بكم الأرض بعد ذلك حتى يندم المعتقون، ثم تميل بكم الأرض ميلة أخرى فيهلك فيها من هلك ويبقى من بقي يقولون‏:‏ ربنا نعتق ربنا نعتق، فيكذبهم اللّه كذبتم كذبتم، أنا أعتق قال‏:‏ وليبتلين أخريات هذه الأمة بالرجف، فإن تابوا تاب اللّه عليهم، وإن عادوا عاد اللّه عليهم الرجف والقذف والخذف والمسخ والخسف والصواعق، فإذا قيل‏:‏ هلك الناس هلك الناس هلك الناس فقد هلكوا، ولن يعذب اللّه أمة حتى تعذر قالوا‏:‏ وما عذرها‏؟‏ قال‏:‏ يعترفون بالذنوب ولا يتوبون ولتطمئن القلوب بما فيها من برها وفجورها كما تطمئن الشجرة بما فيها حتى لا يستطيع محسن يزداد إحسانا ولا يستطيع مسيء استعتابا‏.‏ قال اللّه‏:‏{‏كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ‏{‏كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون‏}‏ قال‏:‏ أعمال السوء ذنب على ذنب حتى مات قلبه واسود‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه ‏{‏كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون‏}‏ قال‏:‏ أثبتت على قلبه الخطايا حتى غيرته‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏ران‏}‏ قال‏:‏ طبع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه قال‏:‏ الران الطابع‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي اللّه عنه في الآية كانوا يرون أن الرين هو الطبع‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي اللّه عنه كانوا يرون أن القلب مثل الكف فيذنب الذنب فينقبض منه، ثم يذنب الذنب فينقبض، حتى يختم عليه ويسمع الخير فلا يجد له مساغا‏.‏

وأخرج ابن جرير والبيهقي عن مجاهد رضي اللّه عنه قال‏:‏ الران أيسر من الطبع، والطبع أيسر من الأقفال، والإقفال أشد ذلك كله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه ‏{‏كلا بل ران على قلوبهم‏}‏ قال‏:‏ يعمل الذنب فيحيط بالقلب، فكلما عمل ارتفعت حتى يغشى القلب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي اللّه عنه ‏{‏كلا بل ران على قلوبهم‏}‏ قال‏:‏ الذنب على الذنب، ثم الذنب على الذنب حتى يغمر القلب فيموت‏.‏

وأخرج عبد بن حميد من طريق خليد بن الحكم عن أبي الخير قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أربع خصال تفسد القلب‏:‏ مجاراة الأحمق فإن جاريته كنت مثله، وإن سكت عنه سلمت منه، وكثرة الذنوب مفسدة القلوب، وقد قال‏:‏ ‏{‏بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون‏}والخلوة بالنساء، والاستمتاع منهن، والعمل برأيهم ومجالسة الموتى قيل وما الموتى قال‏:‏ كل غني قد أبطره غناه‏"‏‏.‏

أخرج عبد بن حميد عن أبي مليكة الزيادي رضي اللّه عنه في قوله‏:‏ ‏{‏كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون‏}‏ قال‏:‏ المنان والمختال والذي يقطع يمينه بالكذب ليأكل أموال الناس واللّه أعلم‏.‏

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي اللّه عنه ‏{‏كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين‏}‏ قال‏:‏ عليون فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى ‏{‏كتاب مرقوم‏}‏ قال‏:‏ رقم لهم بخير ‏{‏يشهده المقربون‏}‏ قال‏:‏ المقربون من ملائكة اللّه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن كعب رضي اللّه عنه قال‏:‏ هي قائمة العرش اليمنى‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي اللّه عنه قال‏:‏ عليون السماء السابعة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد من طريق الأجلح عن الضحاك رضي اللّه عنه قال‏:‏ إذا قبض روح العبد المؤمن يعرج به إلى السماء الدنيا، فينطلق معه المقربون إلى السماء الثانية‏.‏ قال الأجلح‏:‏ فقلت‏:‏ وما المقربون‏؟‏ قال‏:‏ أقربهم إلى السماء الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة حتى ينتهي به إلى سدرة المنتهى‏.‏ فقال الأجلح‏:‏ فقلت للضحاك‏:‏ ولم تسمى سدرة المنتهى‏؟‏ قال‏:‏ لأنه ينتهي إليها كل شيء من أمر اللّه لا يعدوها فيقولون‏:‏ رب عبدك فلان وهو أعلم به منهم، فيبعث اللّه إليهم بصك مختوم يأمنه من العذاب، وذلك قوله‏:‏ ‏{‏كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليوم كتاب مرقوم يشهده المقربون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لفي عليين‏}‏ قال‏:‏ الجنة، وفي قوله‏:‏ ‏{‏يشهده المقربون‏}‏ قال‏:‏ كل أهل سماء‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏{‏يشهده المقربون‏}‏ قال‏:‏ هم مقربو أهل كل سماء إذا مر بهم عمل المؤمن شيعه مقربو كل أهل سماء حتى ينتهي العمل إلى السماء السابعة، فيشهدون حتى يثبت ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ السماء السابعة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏صلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما، كتاب مرقوم في عليين‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد من طريق خالد بن عرعرة وأبي عجيل أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين‏}‏ الآية، قال‏:‏ إن المؤمن يحضره الموت ويحضره رسل ربه فلا هم يستطيعون أن يؤخروه ساعة ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته، فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه، فدفعوه إلى ملائكة الرحمة، فأروه ما شاء اللّه أن يروه من الخير، ثم عرجوا بروحه إلى السماء فيشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهوا به إلى السماء السابعة، فيضعونه بين أيديهم، ولا ينتظرون به صلاتكم عليه، فيقولون‏:‏ اللّهم هذا عبدك فلان قبضنا نفسه، فيدعون له بما شاء اللّه أن يدعوا، فنحن نحب أن يشهدنا اليوم كتابه، فينثر كتابه من تحت العرش فيثبتون اسمه فيه، وهم شهوده، فذلك قوله‏:‏ ‏{‏كتاب مرقوم يشهده المقربون‏}‏ وسأله عن قوله‏:‏ ‏{‏إن كتاب الفجار لفي سجين‏}‏ الآية، قال‏:‏ إن العبد الكافر يحضره الموت ويحضره رسل اللّه، فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة العذاب، فأروه ما شاء اللّه أن يروه من الشر ثم هبطوا به إلى الأرض السفلى وهي سجين، وهي آخر سلطان إبليس، فأثبتوا كتابه فيها، وسأله عن ‏{‏سدرة المنتهى‏}‏ فقال‏:‏ هي سدرة نابتة في السماء السابعة، ثم علت على الخلائق إلى ما دونها و ‏(‏عندها جنة المأوى‏)‏ ‏(‏سورة النجم الآية ١٥‏)‏ قال‏:‏ جنة الشهداء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطاء بن يسار قال‏:‏ لقيت رجلا من حمير كأنه علامة يقرأ الكتب فقلت له‏:‏ الأرض التي نحن عليها ما سكانها‏؟‏ قال‏:‏ هي على صخرة خضراء تلك الصخرة على كف ملك، ذلك الملك قائم على ظهر حوت منطو بالسموات والأرض من تحت العرش‏.‏ قلت‏:‏ الأرض الثانية من سكانها‏؟‏ قال‏:‏ سكانها الريح العقيم، لما أراد اللّه أن يهلك عادا أوحى إلى خزنتها أن افتحوا عليهم منها بابا‏.‏ قالوا‏:‏ يا ربنا مثل منخر الثور‏؟‏ قال‏:‏ اذن تكفأ الأرض ومن عليها‏.‏ فضيق ذلك حتى جعل مثل حلقة الخاتم، فبلغت ما حدث اللّه‏.‏ قلت‏:‏ الأرض الثالة من ساكنها‏؟‏ قال‏:‏ فيها حجارة جهنم‏.‏ قلت‏:‏ الأرض الرابعة من ساكنها‏؟‏ قال‏:‏ فيها كبريت جهنم‏.‏ قلت‏:‏ الأرض الخامسة من ساكنها‏؟‏ قال‏:‏ فيها عقارب جهنم‏.‏ قلت‏:‏ الأرض السادسة من ساكنها‏؟‏ قال‏:‏ فيها حيات جهنم‏.‏ قلت‏:‏ الأرض السابعة من ساكنها‏؟‏ قال‏:‏ تلك سجين فيها إبليس موثق يد أمامه ويد خلفه، ورجل خلفه ورجل أمامه‏.‏ كان يؤذي الملائكة، فاستعدت عليه فسجن هناك، وله زمان يرسل فيه، فإذا أرسل لم تكن فتنة الناس بأعي عليهم من شيء‏.‏

وأخرج ابن المبارك عن ضمرة بن حبيب قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الملائكة يرفعون أعمال العبد من عباد اللّه يستكثرونه ويزكونه حتى يبلغوا به حيث يشاء اللّه من سلطانه، فيوحي اللّه إليهم أنكم حفظة على عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه‏.‏ إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين‏.‏ ويصعدون بعمل العبد يستقلونه ويحتقرونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء اللّه من سلطانه، فيوحي اللّه إليهم أنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه‏.‏ إن عبدي هذا أخلص لي عمله فاجعلوه في عليين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن الضريس عن أم الدرداء قالت‏:‏ إن درج الجنة على عدد آي القرآن، وإنه يقال لصاحب القرآن اقرأ وأرقه فإن كان قد قرأ ثلث القرآن كان على الثلث من درج الجنة، وإن كان قد قرأ نصف القرآن كان على النصف من درج الجنة وإن كان قد قرأ القرآن كان في أعلى عليين، ولم يكن فوقه أحد من الصديقين والشهداء‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد اللّه بن عمرو قال‏:‏ إن لأهل عليين كوى يشرفون منها فإذا أشرف أحدهم أشرقت الجنة، فيقول أهل الجنة قد أشرف رجل من أهل عليين‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال‏:‏ يرى في الجنة كهيئة البرق فيقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ قيل‏:‏ رجل من أهل عليين تحول من غرفة إلى غرفة‏.‏

﴿ ٢١