٢١٠

و «وينظرون» بمعنى: ينتظرون. قوله تعالى: {إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللّه} كان جماعة من السلف يمسكون عن الكلام في مثل هذا. وقد ذكر القاضي أبو يعلى عن احمد أنه قال: المراد به: قدرته وأمره قال: وقد بينه في قوله تعالى: {أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبّكَ} الانعام: ١٥٨.

قوله تعالى: {فِي ظُلَلٍ مّنَ ٱلْغَمَامِ} أي: بظلل. والظلل: جمع ظلة و «الغمام»: السحاب الذي لا ماء فيه، قال الضحاك: في قطع من السحاب

ومتى يكون مجىء الملائكة فيه قولان.

احدهما: أنه يوم القيامة، وهو قول الجمهور.

والثاني: أنه عند الموت قاله قتادة وقرأ الحسن بخفض الملائكة {قُضِىَ ٱلاْمْرُ} فرغ منه {و إِلَى ٱللّه تُرْجَعُ ٱلامُورُ} أي: تصير قرأ ابن كثير، ونافع، وابو عمرو، وعاصم، ترجع: بضم التاء وقرأ ابن عامر وحمزة، والكسائي، بفتحها

فان قيل: فكأن الأمور كانت إلى غيره، فعنه اربعة أجوبه.

احدها: أن المراد به إعلام الخلق أنه المجازي على الأعمال بالثواب والعقاب، قاله الزجاج.

والثاني: أنه لما عبد قوم غيره ونسبوا أفعاله إلى سواه ثم انكشف الغطاء يوم القيامة، ردوا إليه ما أضافوه إلى غيره.

والثالث: أن العرب تقول: قد رجع علي من فلان مكروه إذا: صار إليه منه مكروه، و إن لم يكن سبق

قال الشاعر:

فان تكن الأيام أحسن مرة  إلي فقد عادت لهن ذنوب

ذكرهما ابن الانباري، ومما يشبه هذا قول لبيد:

وما المرء إلا كالشهاب وضوئه  يحور رمادا بعد إذ هو ساطع

أراد: يصير رمادا لا أنه كان رمادا، وقال أمية بن أبي الصلت

تلك المكارم لا قعبان من لبن  شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

أي: صار

والرابع: أنه لما كانت الأمور إليه قبل الخلق، ثم أوجدهم فملكهم بعضها رجعت إليه بعد هلاكهم،

فان قيل: قد جرى ذكر اسمه تعالى في قوله: {أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللّه} فما الحكمة في أنه لم يقل و إليه ترجع الامور

فالجواب: أن إعادة اسمه أفخم و أعظم والعرب إذا جرى ذكر شيء يفخم أعادوا لفظه وأنشدوا:

لا أرى الموت يسبق الموت شيئا  نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

فأعادوا ذكر الموت لفخامته في صدورهم ذكره الزجاج.

﴿ ٢١٠