٢٧٨

قوله تعالى: {يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللّه وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرّبَوٰاْ} في نزولها ثلاثة أقوال.

احدها: أنها نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف من ثقيف، وفي بني المغيرة من بني مخزوم، وكان بنو المغيرة يأخذون الربا من ثقيف، فلما وضع اللّه الربا، طالبت ثقيف بني المغيرة بما لهم عليهم، فنزلت هذه الآية، والتي بعدها هذا قول ابن عباس.

والثاني: أنها نزلت في عثمان بن عفان، والعباس، كانا قد أسلفا في التمر، فلما حضر الجذاذ، قال صاحب التمر: إن أخذتما مالكما، لم يبق لي ولعيالي ما يكفي، فهل لكما أن تأخذا النصف وأضعف لكما؟ ففعلا، فلما حل الأجل، طلبا الزيادة فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم، فنهاهما، فنزلت هذه الآية، هذا قول عطاء وعكرمة.

والثالث: أنها نزلت في العباس، وخالد بن الوليد، وكانا شريكين في الجاهلية، وكانا يسلفان في الربا، فجاء الإسلام، ولهما أموال عظيمة في الربا، فنزلت هذه الآية، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم «ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس» هذا قول السدي. قال ابن عباس، وعكرمة، والضحاك: إنما قال:

{مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرّبَوٰاْ} لأن كل ربا كان قد ترك، فلم يبق إلا ربا ثقيف. وقال قوم: الآية محمولة على من أربى قبل إسلامه، وقبض بعضه في كفره، ثم أسلم، فيجب عليه أن يترك ما بقي، ويعفى له عما مضى. فأما المراباة بعد الإسلام، فمردوده فيما قبض، ويسقط ما بقي. قوله تعالى:

{فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ} قرأ ابن كثير، ونافع، و ابو عمرو، وابن عامر

{فَأْذَنُواْ} مقصورة، مفتوحة الذال. وقرأ حمزة، و أبو بكر عن عاصم: «فآذنوا» بمد الألف وكسر الذال. قال الزجاج: من قرأ: فأذنوا، بقصر الألف، وفتح الذال، فالمعنى: أيقنوا. ومن قرأ بمد الألف، وكسر الذال، فمعناه: أعلموا كل من لم يترك الربا أنه حرب. قال ابن عباس: يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب. قوله تعالى:

{وَرَسُولِهِ وَإِن تُبتُمْ فَلَكُمْ رُءوسُ أَمْوٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} أي: التي أقرضتموها، لا تظلمون، فتأخذون أكثر منها، ولا تظلمون فتنقصون منها، والجمهور على فتح «تاء» تظلمون الأولى، وضم «تاء» تظلمون الثانية. وروى المفضل عن عاصم: ضم الأولى، وفتح الثانية.

﴿ ٢٧٩