٢٣

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ}

في سبب نزولها أربعة أقوال.

احدها: أن النبي صلى اللّه عليه وسلم، دخل بيت المدراس على جماعة من اليهود فدعاهم إلى اللّه فقال رجلان منهم: على أي دين أنت؟ فقال على ملة إبراهيم، قالا: فانه كان يهوديا قال: فهلموا إلى التوراة، فأبيا عليه فنزلت هذه الآية. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.

والثاني: أن رجلا من اليهود، وامرأة زنيا فكرهوا رجمهما لشرفهما، فرفعوا أمرهما إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، رجاء أن يكون عنده رخصة، فحكم عليها بالرجم، فقالوا: جرت علينا يا محمد ليس علينا الرجم، فقال: بيني وبينكم التوراة فجاء ابن صوريا فقرأ من التوراة فلما أتى على آية الرجم، وضع كفه عليها وقرأ ما بعدها فقال ابن سلام: قد جاوزها ثم قام فقرأها، فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، باليهوديين فرجما فغضب اليهود فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثالث: أن النبي صلى اللّه عليه وسلم دعا اليهود إلى الإسلام، فقال نعمان بن أبي: أوفى هلم نحاكمك إلى الأحبار فقال: بل إلى كتاب اللّه فقال: بل إلى الأحبار، فنزلت هذه الآية. قاله السدي.

والرابع: أنها نزلت في جماعة من اليهود دعاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الإسلام فقالوا نحن أحق بالهدى منك، وما أرسل اللّه نبيا إلا من بني اسرائيل، قال: فأخرجوا التوارة فإني مكتوب فيها أني نبي فأبوا فنزلت هذه الآية قاله مقاتل بن سليمان.فأما التفسير: فالنصيب الذي أوتوه: العلم الذي علموه من التوراة،

وفي الكتاب الذي دعوا إليه قولان:

احدهما: أنه التوراة، رواه عكرمة، عن ابن عباس، وهو قول الأكثرين.

والثاني: أنه القرآن، رواه أبو صالح، عن ابن عباس، وهو قول الحسن، وقتادة.

وفي الذي أريد أن يحكم الكتاب بينهم فيه أربعة أقوال.

احدها: ملة إبراهيم.

والثاني: حد الزنى. رويا عن ابن عباس.

والثالث: صحة دين الإسلام، قاله السدي.

والرابع: صحة نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم، قاله مقاتل.

فان قيل: التولي هو الإعراض، فما فائدة تكريره؟

فالجواب من أربعة أوجه:

﴿ ٢٣