|
٥٦ قوله تعالى: {إِذْ قَالَ ٱللّه يٰعِيسَى إِنّي مُتَوَفّيكَ} قال ابن قتيبة: التوفي من استيفاء العدد، يقال: توفيت، واستوفيت، كما يقال: تيقنت الخبر، واستيقنته، ثم قيل للموت: وفاة وتوف. وأنشد أبو عبيدة: إن بني الأدرد ليسوا من أحد ليسوا إلى قيس وليسوا من أسد ولا توفاهم قريش في العددأي: لا تجعلهم وفاء لعددها، والوفاء التمام وفي هذا التوفي قولان. احدهما: أنه الرفع إلى السماء، والثاني: أنه الموت فعلى القول الاول، يكون نظم الكلام مستقيما من غير تقديم، و لاتأخير، ويكون معنى متوفيك قابضك من الأرض، وافيا تاما من غير أن ينال منك اليهود شيئا، هذا قول الحسن، وابن جريج، و ابن قتيبة، واختاره الفراء. ومما يشهد لهذا الوجه قوله تعالى: {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ١١٧]. أي: رفعتني إلى السماء من غير موت، لأنهم إنما بدلوا بعد رفعه، لا بعد موته وعلى القول الثاني يكون في الآية تقديم وتأخير، تقديره إني رافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا، ومتوفيك بعد ذلك هذا قول الفراء، و الزجاج في آخرين. فتكون الفائدة في إعلامه بالتوفي تعريفه أن رفعه إلى السماء لا يمنع من موته. قال سعيد بن المسيب: رفع عيسى وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وقال مقاتل: رفع من بيت المقدس ليلة القدر، في رمضان، وقيل عاشت أمه مريم بعد رفعه ست سنين، ويقال ماتت قبل رفعه. قوله تعالى: {وَمُطَهّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} فيه قولان. احدهما: أنه رفعه من بين اظهرهم. والثاني: منعهم من قبله، وفي الذين اتبعوه قولان. احدهما: انهم المسلمون من امة محمد صلى اللّه عليه وسلم، لأنهم صدقوا بنبوته، و أنه روح اللّه، وكلمته هذا قول قتادة والربيع، وابن السائب. والثاني: انهم النصارى فهم فوق اليهود، واليهود مستذلون مقهورون قاله ابن زيد. قوله تعالى: {فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ} يعني: الدين. قوله تعالى: {تَخْتَلِفُونَ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} قيل: هم اليهود والنصارى وعذابهم في الدنيا بالسيف والجزية وفي الآخرة بالنار. |
﴿ ٥٦ ﴾