١

{يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ... }

اختلفوا في نزولها على قولين.

احدهما: أنها مكية، رواه عطية عن ابن عباس، وهو قول الحسن، ومجاهد، وجابر بن زيد، وقتادة.

والثاني: أنها مدنية، رواه عطاء عن ابن عباس، وهو قول مقاتل. وقيل: إنها مدنية، إلا آية نزلت بمكة في عثمان بن طلحة حين أراد النبي صلى اللّه عليه وسلم أن يأخذ منه مفاتيح الكعبة، فيسلمها إلى العباس، وهي قوله: {إِنَّ ٱللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلامَـٰنَـٰتِ إِلَى أَهْلِهَا} ذكره الماوردي. قوله تعالى:

{ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ}. فيه قولان.

احدهما: أنه بمعنى الطاعة، قاله ابن عباس.

و الثاني: بمعنى الخشية. قاله مقاتل. والنفس الواحدة: آدم، وزوجها حواء و«من» في قوله: {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا} للتبعيض في قول الجمهور. و قال ابن بحر: منها، أي: من جنسها.

واختلفوا أي وقت خلقت له، على قولين:

احدهما: أنها خلقت بعد دخوله الجنة، قاله ابن مسعود، و ابن عباس.

والثاني: قبل دخوله الجنة، قاله كعب الأحبار، ووهب، وابن إسحاق. قال ابن عباس: لما خلق اللّه آدم، ألقى عليه النوم، فخلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى، فلم تؤذه بشيء و لو وجد الأذى ما عطف عليها أبدا، فلما استيقظ؛ قيل: يا آدم ما هذه؟ قال: حواء. قوله تعالى:

{هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا} قال الفراء: بث: نشر، ومن العرب من يقول: أبث اللّه الخلق، ويقولون: بثثتك ما في نفسي، و أبثثتك. قوله تعالى:

{ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ} قرأ ابن كثير، و نافع، و ابن عامر، و البرجمي، عن أبي بكر، عن عاصم. واليزيدي، و شجاع، و الجعفي، و عبد الوارث. عن أبي عمرو: «تساءلون» بالتشديد. و قرأ عاصم، و حمزة، و الكسائي، و كثير من أصحاب أبي عمرو عنه بالتخفيف. قال الزجاج: الأصل: تتساءلون، فمن قرأ بالتشديد. أدغم التاء في السين، لقرب مكان هذه من هذه، و من قرأ بالتخفيف، حذف التاء الثانية لاجتماع التاءين.

و في معنى «تساءلون به» ثلاثة أقوال.

احدها: تتعاطفون به، قاله ابن عباس.

و الثاني: تتعاقدون، و تتعاهدون به. قاله الضحاك، والربيع.

والثالث: تطلبون حقوقكم به، قاله الزجاج. فأما قوله «والأرحام» فالجمهور على نصب الميم على معنى: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، و فسرها على هذا ابن عباس، و مجاهد، وعكرمة، والسدي، و ابن زيد.

وقرأ الحسن، وقتادة، و الأعمش، و حمزة بخفض الميم على معنى: تساءلون به وبالأرحام، و فسرها على هذا الحسن، و عطاء، و النخعي.و قال الزجاج: الخفض في «الأرحام» خطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار الشعر، وخطأ في الدين، لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: «لا تحلفوا بآبائكم» وذهب إلى نحو هذا الفراء، و قال ابن الأنباري: إنما أراد، حمزة الخبر عن الأمر القديم الذي جرت عادتهم به، فالمعنى: الذي كنتم تساءلون به وبالأرحام في الجاهلية.

قال أبو علي: من جر، عطف على الضمير المجرور بالباء، وهو ضعيف في القياس، قليل في الاستعمال فترك الأخذ به أحسن.

فأما الرقيب: فقال ابن عباس، ومجاهد، الرقيب: الحافظ. وقال الخطابي: هو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء، وهو في نعوت الآدميين الموكل بحفظ الشيء، المترصد له، المتحرز عن الغفلة فيه، يقال: منه: رقبت الشيء أرقبه رقبة.

﴿ ١