٣٤ قوله تعالى: {ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء} سبب نزولها: أن رجلا لطم زوجته لطمة فاستعدت عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح، عن ابن عباس. وذكر المفسرون أنه سعد بن الربيع الأنصاري قال ابن عباس: «قوامون» أي: مسلطون على تأديب النساء في الحق. وروى هشام ابن محمد، عن أبيه في قوله: {ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء} قال: إذا كانوا رجالا، وأنشد: أكل امرئ تحسبين امرءا ونارا توقد بالليل نارا قوله تعالى: {بِمَا فَضَّلَ ٱللّه بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ} يعني: الرجال على النساء، وفضل الرجل على المرأة بزيادة العقل، وتوفير الحظ في الميراث، والغنيمة، والجمعة، والجماعات، والخلافة، والإمارة، والجهاد، وجعل الطلاق إليه إلى غير ذلك. قوله تعالى: {وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ} قال ابن عباس يعني: المهر والنفقة عليهن. وفي «الصالحات» قولان. احدهما: المحسنات إلى أزواجهن، قاله ابن عباس. والثاني: العاملات بالخير، قاله ابن مبارك. قال ابن عباس. و«القانتات» المطيعات للّه في أزواجهن، والحافظات للغيب، أي: لغيب أزواجهن. وقال عطاء، وقتادة: يحفظن ما غاب عنه الأزواج من الأموال، وما يجب عليهن من صيانة أنفسهن لهم. قوله تعالى: {بِمَا} قرأ الجمهور برفع اسم «اللّه» وفي معنى الكلام على قراءتهم ثلاثة أقوال. احدها: بحفظ اللّه إياهن، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، ومقاتل. وروى ابن المبارك، عن سفيان، قال: بحفظ اللّه إياها أن جعلها كذلك. والثاني: بما حفظ اللّه لهن مهورهن، وإيجاب نفقتهن، قاله الزجاج. والثالث: أن معناه: حافظات للغيب بالشيء الذي يحفظ به أمر اللّه، حكاه الزجاج. وقرأ أبو جعفر بنصب اسم اللّه. والمعنى: بحفظهن اللّه في طاعته. قوله تعالى: {ٱللّه وَٱللَّـٰتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} في الخوف قولان. احدهما: أنه بمعنى العلم، قاله ابن عباس. والثاني: بمعنى الظن لما يبدو من دلائل النشوز، قاله الفراء وأنشد: وما خفت يا سلام أنك عائبي قال ابن قتيبة: والنشوز: بغض المرأة للزوج، يقال: نشزت المرأة على زوجها، ونشصت: إذا فركته، ولم تطمئن عنده، وأصل النشوز: الانزعاج. قال الزجاج: أصله من النشز، وهو المكان المرتفع من الأرض. قوله تعالى: {فَعِظُوهُنَّ} قال الخليل: الوعظ: التذكير بالخير فيما يرق له القلب قال الحسن: يعظها بلسانه، فان أبت وإلا هجرها. واختلفوا في المراد بالهجر في المضجع على أربعة أقوال. احدها: أنه ترك الجماع، رواه سعيد بن جبير، وابن أبي طلحة، والعوفي، عن ابن عباس، وبه قال ابن جبير، ومقاتل. والثاني: أنه ترك الكلام، لا ترك الجماع، رواه أبو الضحى، عن ابن عباس، وخصيف، عن عكرمة، وبه قال السدي، والثوري. والثالث: أنه قول الهجر من الكلام في المضاجع، روي عن ابن عباس، والحسن، وعكرمة. فيكون المعنى: قولوا لهن في المضاجع هجرا من القول. والرابع: أنه هجر فراشها، ومضاجعتها. روي عن الحسن، والشعبي، ومجاهد، والنخعي، ومقسم، وقتادة. قال ابن عباس: اهجرها في المضجع، فان أقبلت وإلا فقد أذن اللّه لك أن تضربها ضربا غير مبرح. وقال جماعة من أهل العلم: الآية على الترتيب فالوعظ عند خوف النشوز، والهجر عند ظهور النشوز، والضرب عند تكرره، واللجاج فيه. ولا يجوز الضرب عند ابتداء النشوز، قال القاضي أبو يعلى: وعلى هذا مذهب احمد. وقال الشافعي: يجوز ضربها في ابتداء النشوز. قوله تعالى: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ} قال ابن عباس: يعني في المضجع {فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} أي: فلا تتجن عليها العلل. وقال سفيان بن عيينة: لا تكلفها الحب، لأن قلبها ليس في يدها. وقال ابن جرير: المعنى: فلا تلتمسوا سبيلا إلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل، وذلك أن تقول لها وهي مطيعة لك: لست لي محبة، فتضربها، أو تؤذيها. قوله تعالى: {إِنَّ ٱللّه كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} قال أبو سليمان الدمشقي: لا تبغوا على أزواجكم، فهو ينتصر لهن منكم. وقال الخطابي: الكبير: الموصوف بالجلال، وكبر الشأن، يصغر دون جلاله كل كبير. ويقال: هو الذي كبر عن شبه المخلوقين. |
﴿ ٣٤ ﴾