٤٢

قوله تعالى: {لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلاْرْضُ} قرأ ابن كثير، وعاصم، وابو عمرو: لو تسوى، بضم التاء، وتخفيف السين. والمعنى: ودوا لو جعلوا ترابا، فكانوا هم والأرض سواء، هذا قول الفراء في آخرين. قال أبو هريرة: إذا حشر اللّه الخلائق، قال للبهائم، والدواب، والطير: كوني ترابا. فعندها يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا. وقرأ نافع، وابن عامر: لو تسوى، بفتح التاء، وتشديد السين، والمعنى: لو تتسوى، فأدغمت التاء في السين، لقربها منها. قال أبو علي: وفي هذه القراءة اتساع، لأن الفعل مسند إلى الأرض، وليس المراد: ودوا لو صارت الأرض مثلهم، وإنماالمعنى: ودوا لو يتسوون بها. ثم في المعنى للمفسرين قولان.

احدهما: أن معناه: ودوا لو تخرقت بهم الأرض، فساخوا فيها، قاله قتادة، وأبو عبيدة، ومقاتل.

والثاني: أن معناه: ودوا أنهم لم يبعثوا، لأن الأرض كانت مستوية بهم قبل خروجهم منها، قاله ابن كيسان، وذكر نحوه الزجاج. وقرأ حمزة، والكسائي: لو تسوى، بفتح التاء، وتخفيف السين والواو مشددة ممالة، وهي بمعنى: تتسوى، فحذف التاء التي أدغمها نافع، وابن عامر. فأما معنى القراءتين، فواحد. قوله تعالى:

{وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللّه حَدِيثاً} في «الحديث» قولان.

احدهما: أنه قولهم: ما كنا مشركين هذا قول الجمهور.

والثاني: أنه أمر النبي صلى اللّه عليه وسلم وصفته ونعته، قاله عطاء: فعلى الأول يتعلق الكتمان بالآخرة، وعلى الثاني يتعلق بما كان في الدنيا، فيكون المعنى: ودوا أنهم لم يكتموا ذلك. وفي معنى الآية ستة أقوال.

احدها: ودوا إذا فضحتهم جوارحهم أنهم لم يكتموا اللّه شركهم، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس.

والثاني: أنهم لما شهدت عليهم جوارحهم لم يكتموا اللّه حديثا بعد ذلك، روي عن ابن عباس أيضا.

والثالث: أنهم في موطن لا يكتمونه حديثا، وفي موطن يكتمون، ويقولون: ما كنا مشركين، قاله الحسن.

والرابع: أن قوله {وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللّه حَدِيثاً} كلام مستأنف لا يتعلق بقوله: لو تسوى بهم الأرض، هذا قول الفراء، والزجاج. ومعنى: لا يكتمون اللّه حديثا: لا يقدرون على كتمانه،لأنه ظاهر عند اللّه.

والخامس: أن المعنى: ودوا لو سويت بهم الأرض، وأنهم لم يكتموا اللّه حديثا.

والسادس: أنهم لم يعتقدوا قولهم: ما كنا مشركين كذبا، وإنما اعتقدوا أن عبادة الأصنام طاعة، ذكر القولين ابن الأنباري. وقال القاضي أبو يعلى: أخبروا بما توهموا، إذ كانوا يظنون أنهم ليسوا بمشركين، وذلك لا يخرجهم عن أن يكونوا قد كذبوا.

﴿ ٤٢