٨١

قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} نزلت في المنافقين، كانوا يؤمنون عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليأمنوا، فاذا خرجوا، خالفوا، هذا قول ابن عباس. قال الفراء: والرفع في «طاعة» على معنى: أمرك طاعة. قوله تعالى:

{بَيَّتَ طَائِفَةٌ} قرأ ابو عمرو، وحمزة: بيت بسكون «التاء» وإدغامها في «الطاء» ونصب الباقون «التاء» قال أبو علي: التاء والطاء والدال من حيز واحد، فحسن الإدغام، ومن بين، فلانفصال الحرفين، واختلاف المخرجين. قال ابن قتيبة: والمعنى فاذا برزوا من عندك، أي: خرجوا بيت طائفة منهم غير الذي تقول، أي قالوا: وقدروا ليلا غير ما أعطوك نهارا.

قال الشاعر:

أتوني فلم أرض ما بينوا وكانوا أتوني بشيء نكروالعرب

تقول هذا أمر قد قدر بليل وفرغ منه بليل، ومنه قول الحارث بن حلزة:

أجمعوا أمرهم عشاء فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

وقال بعضهم: بيت، بمعنى: بدل،

وأنشد:

وبيت قولي عند المليك قاتلك اللّه عبدا كفورا

وفي قوله: {غَيْرَ ٱلَّذِى تَقُولُ} قولان.

احدهما: غير الذي تقول الطائفة عندك، وهو قول ابن عباس، وابن قتيبة.

والثاني: غير الذي تقول أنت يا محمد، وهو قول قتادة، والسدي. قوله تعالى:

{وَٱللّه يَكْتُبُ مَا يُبَيّتُونَ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: يكتبه في الأعمال التي تثبتها الملائكة، قاله مقاتل في آخرين.

والثاني: ينزله إليك في كتابه.

والثالث: يحفظه عليهم ليجازوا، به ذكر القولين الزجاج، قال ابن عباس: فأعرض عنهم: فلا تعاقبهم، وثق باللّه عز وجل، وكفى باللّه ثقة لك. قال: ثم نسخ هذا الإعراض، وأمر بقتالهم.

فان قيل: ما الحكمة في أنه ابتدأ بذكرهم جملة، ثم قال:

{بَيَّتَ طَائِفَةٌ} والكل منافقون؟

فالجواب من وجهين، ذكرهما أهل التفسير.

احدهما: أنه أخبر عمن سهر ليله، ودبر أمره منهم دون غيره منهم.

والثاني: أنه ذكر من علم أنه يبقى على نفاقه دون من علم أنه يرجع.

﴿ ٨١