١٥٣

قوله تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ} في سبب نزولها ثلاثة أقوال.

احدها: أنهم سألوه أن ينزل كتابا عليهم خاصة، هذا قول الحسن، وقتادة.

والثاني: أن اليهود والنصارى أتوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا: لا نبايعك حتى تأتينا بكتاب من عند اللّه إلى فلان أنك رسول اللّه، وإلى فلان بكتاب أنك رسول اللّه، فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن جريج.

والثالث: أن اليهود سألوا النبي صلى اللّه عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء مكتوبا كما نزلت التوراة على موسى، هذا قول القرظي، والسدي.

وفي المراد بأهل الكتاب قولان.

احدهما: اليهود والنصارى.

والثاني: اليهود. وفي المراد بأهل الكتاب المنزل من السماء قولان.

احدهما: كتاب مكتوب غير القرآن.

والثاني: كتاب بتصديقه في رسالته، وقد بينا في {البقرة} معنى سؤالهم روية اللّه جهرة، واتخاذهم العجل. و«البينات»: الآيات التي جاء بها موسى.

فان قيل: كيف قال: ثم اتخذوا العجل، و«ثم» تقتضي التراخي، والتأخر، أفكان اتخاذ العجل بعد قولهم: «أرنا اللّه جهرة»

فعنه أربعة أجوبة، ذكرهن ابن الأنباري.

أحدهن: أن تكون «ثم» مردودة على فعلهم القديم، والمعنى: وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة، فخالفوا أيضا، ثم اتخذوا العجل.

والثاني: أن تكون مقدمة في المعنى، مؤخرة في اللفظ، والتقدير: فقد اتخذوا العجل، ثم سألوا موسى أكبر من ذلك. ومثله {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: ٢٨] المعنى: فألقه إليهم، ثم انظر ماذا يرجعون، ثم تول عنهم.

والثالث: أن المعنى، ثم كانوا اتخذوا العجل، فأضمر الكون.

والرابع: أن «ثم» معناها التأخير في الإخبار، والتقديم في الفعل، كما يقول القائل: شربت الماء، ثم أكلت الخبز، يريد: شربت الماء ثم أخبركم أني أكلت الخبز بعد إخباري بشرب الماء. قوله تعالى:

{فَعَفَوْنَا عَن ذٰلِكَ} أي: لم نستأصل عبدة العجل. و«السلطان المبين»: الحجة البينة. قال ابن عباس: اليد والعصا. وقال غيره: الآيات التسع.

﴿ ١٥٣