٩٢

قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَاء فِى ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ} أما «الخمر» فوقوع العداوة والبغضاء فيها على نحو ما ذكرنا في سبب نزول الآية من القتال والمماراة. وأما الميسر، فقال قتادة: كان الرجل يقامر على أهله وماله، فيقمر ويبقى حزينا سليبا، فينظر إلى ماله في يد غيره، فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء. قوله تعالى:

{فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} فيه قولان.

احدهما: أنه لفظ استفهام، ومعناه: الأمر. تقديره: انتهوا. قال الفراء: ردد علي أعرابي هل أنت ساكت، هل أنت ساكت؟ وهو يريد: اسكت اسكت.

والثاني: أنه استفهام، لا بمعنى: الأمر. ذكر شيخنا علي بن عبيد اللّه أن جماعة كانوا يشربون الخمر بعد هذه الآية، ويقولون: لم يحرمها، إنما قال: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} فقال بعضنا: انتهينا، وقال بعضنا لم ننته، فلما نزلت {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ ٱلْفَوٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلإِثْمَ} [الأعراف: ٣٣] حرمت لأن «الإثم» اسم للخمر. وهذا القول ليس بشيء، والأول أصح. قوله تعالى:

{وَأَطِيعُواْ ٱللّه وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ} فيما أمراكم، واحذروا خلافهما

{فَإِن تَوَلَّيْتُمْ} أي: أعرضتم،

{فَٱعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا} محمد {ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ} وهذا وعيد لهم، كأنه قال: فاعلموا أنكم قد استحققتم العذاب لتوليكم.

﴿ ٩٢