٩٣

قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ} سبب نزولها: أن ناسا من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم ماتوا وهم يشربون الخمر، إذ كانت مباحة، فلما حرمت، قال ناس: كيف بأصحابنا وقد ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت هذه الآية، قاله البراء بن عازب. «والجناح»: الإثم.

وفيما طعموا ثلاثة أقوال.

احدها: ما شربوا من الخمر قبل تحريمها، قاله ابن عباس، والجمهور. قال ابن قتيبة: يقال: لم أطعم خبزا وأدما ولا ماء ولا نوما. قال الشاعر:

فان شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخا ولابردا

النقاخ: الماء [البارد] الذي ينقخ الفؤاد ببرده، والبرد: النوم.

والثاني: ما شربوا من الخمر وأكلوا من الميسر.

والثالث: ما طعموا من المباحات.

وفي قوله: {إِذَا مَا ٱتَّقَواْ} ثلاثة أقوال.

احدها: اتقوا بعد التحريم، قاله ابن عباس.

والثاني: اتقوا المعاصي والشرك.

والثالث: اتقوا مخالفة اللّه في أمره.

وفي قوله: {وَءامَنُواْ} قولان.

احدهما: آمنوا باللّه ورسوله.

والثاني: آمنوا بتحريمها. {وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ} قال مقاتل: أقاموا على الفرائض. قوله تعالى:

{ثُمَّ اتَّقَواْ} في هذه التقوى المعادة أربعة أقوال.

احدها: أن المراد خوف اللّه عز وجل.

والثاني: أنها تقوى الخمر والميسر بعد التحريم.

والثالث: أنها الدوام على التقوى.

والرابع: أن التقوى الأولى مخاطبة لمن شربها قبل التحريم، والثانية لمن شربها بعد التحريم. قوله تعالى:

{وَءامَنُواْ} في هذا الإيمان المعاد قولان.

احدهما: صدقوا بجميع ما جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم.

والثاني: آمنوا بما يجيء من الناسخ والمنسوخ. قوله تعالى:

{ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ} في هذه التقوى الثالثة أربعة أقوال.

احدها: اجتنبوا العود إلى الخمر بعد تحريمها، قاله ابن عباس.

والثاني: اتقوا ظلم العباد.

والثالث: توقوا الشبهات.

والرابع: اتقوا جميع المحرمات.

وفي الإحسان قولان.

احدهما: أحسنوا العمل بترك شربها بعد التحريم، قاله ابن عباس.

والثاني: أحسنوا العمل بعد تحريمها، قاله مقاتل.

﴿ ٩٣