١٢

قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} ما استفهام: ومعناها: الإنكار. قال الكسائي: {لا} هاهنا زائدة. والمعنى: ما منعك أن تسجد؟ وقال الزجاج: موصع {مَا} رفع.

والمعنى: أي شيء منعك من السجود؟ولا زائدة مؤكدة؛

ومثله: {لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ ٱلْكِتَـٰبِ}. قال ابن قتيبة: وقد تزاد{لا} في الكلام. والمعنى: طرحها لإباء في الكلام، أو جحد، كهذه الآية. وإنما زاد {لا} لأنه لم يسجد.

ومثله: {أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ} على قراءة من فتح {أَنَّهَا}، فزاد{لا} لأنهم لم يؤمنوا؛

ومثله: {وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَـٰهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ} وقال الفراء: {لا} هاهنا جحد محض، وليست بزائدة، والمنع راجع إلى تأويل القول، والتأويل: من قال لك لا تسجد؛ فأحل المنع محل القول، ودخلت بعده {ءانٍ} ليدل على تأويل القول الذي لم يتصرح لفظه. وقال ابن جرير: في الكلام محذوف، تقديره: ما منعك من السجود، فأحوجك أن لا تسجد؟

قال الزجاج: وسؤال اللّه تعالى لإبليس {مَا مَنَعَكَ} توبيخ له، وليظهر أنه معاند، ولذلك لم يتب، وأتى بشيء في معنى الجواب، ولفظه غير الجواب، لأن قوله: {أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ} إنما هو جواب، أيكما خير؟ ولكن المعنى: منعني من السجود فضلي عليه.

ومثله قولك للرجل: كيف كنت؟ فيقول: أنا صالح؛ وإنما الجواب: كنت صالحا، فيجيب بما يحتاج إليه وزيادة.

قال العلماء: وقع الخطأ من إبليس حين قاس مع وجود النص، وخفي عليه فضل الطين على النار؛ وفضله من وجوه.

احدها: أن من طبع النار الطيش والالتهاب والعجلة، ومن طبع الطين الهدوء والرزانة.

والثاني: أن الطين سبب الإنبات والإيجاد، والنار سبب الإعدام والإهلاك.

والثالث: أن الطين سبب جمع الأشياء، والنار سبب تفريقها.

﴿ ١٢