٣٧

قوله تعالى: {لِيَمِيزَ ٱللّه ٱلْخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيّبِ} قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: {لِيَمِيزَ} خفيفة. وقرأ حمزة، والكسائي: {لِيَمِيزَ} بالتشديد وهما لغتان: مزته وميّزته.

وفي لام ليميز قولان.

احدهما: أنها متعلقة بقوله: {فَسَيُنفِقُونَهَا} قاله ابن الانباري.

والثاني: أنها متعقلة بقوله: {إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} قاله ابن جرير الطبري.

وفي معنى الآية ثلاثة اقوال.

احدها: ليميز أهل السعادة من أهل الشقاء، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال السدي، ومقاتل: يميز المؤمن من الكافر.

والثاني: ليميز العمل الطيب من العمل الخبيث، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثالث: ليميز الإنفاق الطيب في سبيله، من الانفاق الخبيث في سبيل الشيطان، قاله ابن زيد، والزجاج. قوله تعالى:

{وَيَجْعَلَ ٱلْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ} أي: يجمع بعضه فوق بعض، وهو قوله: {فَيَرْكُمَهُ}. قال الزجاج: الركم: أن يجعل بعض الشيء على بعض، يقال: ركمت الشيء أركُمه رَكما، والركام: الاسم؛ فمن قال: المراد بالخبيث: الكفار فانهم: في النار بعضهم على بعض؛

ومن قال: أموالهم، فله في ذلك قولان.

احدهما: أنها ألقيت في النار ليعذب بها أربابها، كما قال تعالى: {فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ}.

والثاني: أنهم لما عظموها في الدنيا، أراهم هوانها بالقائها في النار كما تلقى الشمس والقمر في النار، ليرى من عبدهما ذلهما.

﴿ ٣٧