|
١٠ قال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَاء} قرأ الأكثرون: «ضياء» بهمزة واحدة. وقرأ ابن كثير: «ضئاء» بهمزتين في كل القرآن، أي ذات ضياء. {وَٱلْقَمَرَ نُوراً} أي: ذات نور. {وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ} أي: قدر له، فحذف الجار، والمعنى: هيأ ويسر له منازل. قال الزجاج: الهاء ترجع إلى «القمر» لأنه المقدر لعلم السنين والحساب. وقد يجوز أن يعود إلى الشمس والقمر، فحذف احدهما اختصارا. وقال الفراء: إن شئت جعلت تقدير المنازل للقمر خاصة، لأن به تعلم الشهور. وإن شئت جعلت التقدير لهما، فاكتفي بذكر احدهما من صاحبه، كقوله: {وَٱللّه وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} [التوبة ٦٢] قال ابن قتيبة: منازل القمر ثمانية وعشرون منزلا من أول الشهر إلى ثماني وعشرين ليلة، ثم يستسر. وهذه المنازل، هي النجوم التي كانت العرب تنسب إليها الأنواء، وأسماؤها عندهم: الشرطان، والبطين، والثريا، والدبران، والهقعة والهنعة، والذراع، والنثرة، والطرف، والجبهة، والزبرة، والصرفة، والعواء، والسماك، والغفر، والزباني، والإكليل، والقلب، والشولة، والنعائم، والبلدة، وسعد، الذابح، وسعد بلع، وسعد السعود، وسعد الأخبية، وفزغ الدلو، المقدم، وفرغ الدلو المؤخر، والرشاء وهو الحوت. قوله تعالى: {مَا خَلَقَ ٱللّه ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقّ} أي: للحق، من إظهار صنعه وقدرته والدليل على وحدانيته. {يُفَصّلُ ٱلآيَـٰتِ} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: «يفصل» بالياء. وقرأ نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «نفصل الآيات» بالنون، والمعنى: نبينها. {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} يستدلون بالأمارات على قدرته. قوله تعالى: {لآيَـٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ} فيه قولان. احدهما: يتقون الشرك. والثاني: عقوبة اللّه. فيكون المعنى: إن الآيات لمن لم يحمله هواه على خلاف ما وضح له من الحق. قوله تعالى: {لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} قال ابن عباس: لا يخافون البعث. {وَرَضُواْ بِٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا} اختاروا ما فيها على الآخرة. {وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا} آثروها. وقال غيره: ركنوا إليها، لأنهم لا يؤمنون بالآخرة. {وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ ءايَـٰتِنَا غَـٰفِلُونَ} فيها قولان. احدهما: أنها آيات القرآن ومحمد، قاله ابن عباس. والثاني: ما ذكره في أول السورة من صنعه، قاله مقاتل. فأما قوله: {غَـٰفِلُونَ} فقال ابن عباس: مكذبون. وقال غيره: معرضون. قال ابن زيد: وهؤلاء هم الكفار. قوله تعالى: {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} قال مقاتل: من الكفر والتكذيب. قوله تعالى: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} فيه أربعة أقوال. احدها: يهديهم إلى الجنة ثوابا بإيمانهم. والثاني: يجعل لهم نورا يمشون به بإيمانهم. والثالث: يزيدهم هدى بإيمانهم. والرابع: يثيبهم بإيمانهم. فأما الهداية، فقد سبقت لهم. قوله تعالى: {تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلاْنْهَـٰرُ} أي: تجري بين أيديهم وهم يرونها من علو. قوله تعالى: {دَعْوٰهُمْ فِيهَا} أي: دعاؤهم. وقد شرحنا ذلك في أول {ٱلاْعْرَافِ}. وفي المراد بهذا الدعاء قولان. احدهما: أنه استدعاؤهم ما يشتهون. قال ابن عباس: كلما اشتهى أهل الجنة شيئا قالوا: {سُبْحَـٰنَكَ ٱللّهمَّ} فيأتيهم ما يشتهون، فإذا طعموا، قالوا: {ٱلْحَمْدُ للّه رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} فذلك آخر دعواهم. وقال ابن جريج: إذا مر بهم الطير يشتهونه، قالوا: {سُبْحَـٰنَكَ ٱللّهمَّ} فيأتيهم الملك بما اشتهوا، فيسلم عليهم، فيردون عليه: فذلك قوله: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ}. فإذا أكلوا، حمدوا ربهم، فذلك قوله: {دَعْوٰهُمْ فِيهَا سُبْحَـٰنَكَ ٱللّهمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ}. والثاني: أنهم إذا أرادوا الرغبة إلى اللّه تعالى في دعاء يدعونه به، قالوا: {سُبْحَـٰنَكَ ٱللّهمَّ}، قاله قتادة. قوله تعالى: {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} فيه ثلاثة أقوال احدها: أنها تحية بعضهم لبعض، وتحية الملائكة لهم، قاله ابن عباس. والثاني: أن اللّه تعالى يحييهم بالسلام. والثالث: أن التحية: الملك، فالمعنى: ملكهم فيها سالم، ذكرهما الماوردي. قوله تعالى: {وَءاخِرُ دَعْوَاهُمْ} أي: دعاؤهم وقولهم: {أَنِ ٱلْحَمْدُ للّه رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} قرأ أبو مجلز، وعكرمة، ومجاهد، وابن يعمر، وقتادة، ويعقوب: «أن الحمد للّه» بتشديد النون ونصب الدال. قال الزجاج: أعلم اللّه أنهم يبتدؤون بتعظيم اللّه وتنزيهه، ويختمون بشكره والثناء عليه، وقال ابن كيسان: يفتتحون كلامهم بالتوحيد، ويختمونه بالتوحيد. |
﴿ ١٠ ﴾