٥

قوله تعالى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لاِبِيهِ} في إذ قولان:

احدهما: أنها صلة للفعل المتقدم،

والمعنى: نحن نقص عليك إذ قال يوسف.

والثاني: أنها صلة لفعل مضمر، تقديره: اذكر إذ قال يوسف، ذكرهما الزجاج، وابن الأنباري. قوله تعالى:

{يا أبت} قرأ أبو جعفر، وابن عامر بفتح التاء، ووقفا بالهاء، وافقهما ابن كثير في الوقف بالهاء، وقرأ الباقون بكسر التاء. فمن فتح التاء، أراد: يا ابتا، فحذف الألف كما تحذف الياء، فبقيت الفتحة دالة على الألف، كما أن الكسرة تبقى دالة على الياء. ومن وقف على الهاء، فلان تاء التأنيث تبدل منها الهاء في الوقف. وقرأ أبو جعفر أحد عشر، وتسعة عشر، بسكون العين فيهما.

وفي ما رآه يوسف قولان.

احدهما: أنه رأى الشمس والقمر والكواكب، وهو قول الأكثرين. قال الفراء: وإنما قال: «رأيتهم» على جمع ما يعقل، لأن السجود فعل ما يعقل، كقوله: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ} [النمل: ١٨].

قال المفسرون: كانت الكواكب في التأويل إخوته، والشمس أمه، والقمر أباه، فلما قصها على يعقوب أشفق من حسد إخوته. وقال السدي: الشمس أبوه، والقمر خالته، لأن أمه كانت قد ماتت.

والثاني: أنه رآي أبويه وإخوته ساجدين له، فكنى عن ذكرهم، وهذا مروي عن ابن عباس، وقتادة. فأما تكرار قوله:

{رَأَيْتَهُمْ} فقال الزجاج: إنما كرره لما طال الكلام توكيدا.

وفي سن يوسف لما رأى هذا المنام ثلاثة أقوال.

احدها: سبع سنين.

والثاني: اثنتا عشرة سنة

والثالث: سبع عشرة سنة.

قال المفسرون: علم يعقوب أن إخوة يوسف يعلمون تأويل رؤياه، فقال:

{لاَ تَقْصُصْ رُءيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا}، قال ابن قتيبة: يحتالوا لك حيلة ويغتالوك.

وقال غيره: اللام صلة، والمعنى: فيكيدوك. والعدو المبين: الظاهر العداوة.

﴿ ٥