٦٨

قوله تعالى: {وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَـٰعَهُمْ} يعني أوعية الطعام

{وَجَدُواْ بِضَـٰعَتَهُمْ} التي حملوها ثمنا للطعام {رُدَّتْ} قال الزجاج: الأصل «رددت»؛ فأدغمت الدال الأولى في الثانية، وبقيت الراء مضمومة. ومن قرأ بكسر الراء جعل كسرتها منقولة من الدال. كما فعل ذلك في: قيل، وبيع، ليدل على أن أصل الدال الكسر. قوله تعالى:

{مَا نَبْغِى} في «ما» قولان.

احدهما: أنها استفهام، المعنى: أي شيء نبغي وقد ردت بضاعتنا إلينا.

والثاني: أنها نافية، المعنى: ما نبغي شيئا، أي: لسنا نطلب منك دراهم نرجع بها إليه، بل تكفينا هذه في الرجوع إليه، وأرادوا بذلك تطييب قلبه ليأذن لهم بالعود. وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر، والجحدري، وأبو حيوة «ما تبغي» بالتاء، على الخطاب ليعقوب. قوله تعالى:

{وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} أي: نجلب لهم الطعام. قال ابن قتيبة: يقال: مار أهله يميرهم ميرا، وهو مائر لأهله: إذا حمل إليهم أقواتهم من غير بلده. قوله تعالى:

{وَنَحْفَظُ أَخَانَا} فيه قولان.

احدهما: نحفظ أخانا بنيامين الذي ترسله معنا، قاله الأكثرون.

والثاني: ونحفظ أخانا شمعون الذي أخذه رهينة عنده، قاله الضحاك عن ابن عباس. قوله تعالى:

{وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ} أي: وقر بعير، يعنون بذلك نصيب أخيهم، لأن يوسف كان لا يعطي الواحد أكثر من حمل بعير. قوله تعالى:

{ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ} فيه ثلاثة أقوال.

احدها: ذلك كيل سريع، لا حبس فيه، يعنون: إذا جاء معنا، عجل الملك لنا الكيل، قاله مقاتل.

والثاني: ذلك كيل سهل على الذي نمضي إليه، قاله الزجاج.

والثالث: ذلك الذي جئناك به كيل يسير لا يقنعنا، قاله الماوردي.

قوله تعالى: {حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مّنَ ٱللّه} أي: تعطوني عهدا أثق به. والمعنى: حتى تحلفوا لي باللّه {لَتَأْتُنَّنِى بِهِ} أي: لتردنه إلي. قال ابن الأنباري: وهذه اللام جواب لمضمر، تلخيصه: وتقولوا: واللّه لتأتنني به. قوله تعالى:

{إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ} فيه قولان.

احدهما: أن يهلك جميعكم، قاله مجاهد.

والثاني: أن يحال بينكم وبينه فلا تقدرون على الإتيان به، قاله الزجاج. قوله تعالى:

{فَلَمَّا ءاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ} أي: أعطوه العهد وفيه قولان.

احدهما: أنهم حلفوا له بحق محمد صلى اللّه عليه وسلم ومنزلته من ربه، قاله الضحاك عن ابن عباس.

والثاني: أنهم حلفوا باللّه تعالى، قاله السدي. قوله تعالى:

{قَالَ ٱللّه عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} فيه قولان.

احدهما: أنه الشهيد.

والثاني: كفيل بالوفاء، رويا عن ابن عباس. قوله تعالى:

{لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ}

قال المفسرون: لما تجهزوا للرحيل، قال لهم يعقوب: «لا تدخلوا» يعني مصر «من باب واحد».

وفي المراد بهذا الباب قولان.

احدهما: أنه أراد بابا من أبواب مصر، وكان لمصر أربعة أبواب، قاله الجمهور.

والثاني: أنه أراد الطرق لا الأبواب، قاله السدي، وروى نحوه أبو صالح عن ابن عباس.

وفي ما أراد بذلك ثلاثة أقوال.

احدها: أنه خاف عليهم العين، وكانوا أولي جمال وقوة، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة.

والثاني: أنه خاف أن يغتالوا لماظهر لهم في أرض مصر من التهمة، قاله وهب بن منبه.

والثالث: أنه أحب أن يلقوا يوسف في خلوة، قاله إبراهيم النخعي. قوله تعالى:

{وَمَا أُغْنِى عَنكُمْ مّنَ ٱللّه مِن شَىْء} أي: لن أدفع عنكم شيئا قضاه اللّه، فإنه إن شاء أهلككم متفرقين، ومصداقة في الآية التي بعدها

{مَّا كَانَ يُغْنِى عَنْهُمْ مّنَ ٱللّه مِن شَىْء إِلاَّ حَاجَةً فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} وهي إرادته أن يكون دخولهم كذلك شفقة عليهم.قال الزجاج: «إلا حاجة» استثناء ليس من الأول، والمعنى: لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها. قال ابن عباس: «قضاها» أي: أبداها وتكلم بها. قوله تعالى:

{وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلَّمْنَاهُ} فيه سبعة أقوال.

احدها: إنه حافظ لما علمناه، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: وإنه لذو علم أن دخلوهم من أبواب متفرقة لا يغني عنهم من اللّه شيئا، قاله الضحاك عن ابن عباس.

والثالث: وإنه لعامل بما علم، قاله قتادة. وقال ابن الأنباري: سمي العمل علما، لأنه العلم أول أسباب العمل.

والرابع: وإنه لمتيقن لوعدنا، قاله الضحاك.

والخامس: وإنه لحافظ لوصيتنا، قاله ابن السائب.

والسادس: وإنه لعالم بما علمناه أنه لا يصيب بنيه إلا ما قضاه اللّه، قاله مقاتل.

والسابع: وإنه لذو علم لتعليمنا إياه، قاله الفراء.

﴿ ٦٨