٢

قوله تعالى: {المر} قد ذكرنا في سورة {البقرة} جملة من الكلام في معاني هذه الحروف. وقد روي عن ابن عباس في تفسير هذه الكلمة ثلاثة أقوال.

احدها: أن معناها: أنا اللّه أعلم وأرى، رواه أبو الضحى عنه. والثاني: أنا اللّه أرى، رواه سعيد بن جبير عنه.

والثالث: أنا اللّه الملك الرحمن، رواه عطاء عنه.

قوله تعالى: {تِلْكَ ءايَـٰتُ ٱلْكِتَـٰبِ} في «تلك» قولان وفي «الكتاب» قولان قد تقدمت في أول {يُونُسَ} قوله تعالى:

{وَٱلَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ ٱلْحَقُّ} يعني: القرآن وغيره من الوحي

{وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} قال ابن عباس: يعني: أهل مكة. قال الزجاج: لما ذكر أنهم لا يؤمنون، عرف الدليل الذي يوجب التصديق بالخالق فقال:

{ٱللّه ٱلَّذِى رَفَعَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ} قال أبو عبيدة: العمد: متحرك الحروف بالفتحة، وبعضهم يحركها بالضمة، لأنها جمع عمود، وهو القياس، لأن كل كلمة هجاؤها أربعة أحرف الثالث منها ألف أو ياء أو واو، فجميعه مضموم الحروف، نحو رسول، والجمع: رسل، وحمار، والجمع: حمر، غير أنه قد جاءت أسامي استعملوا جميعها بالحركة والفتحة، نحو عمود، وأديم، وإهاب، قالوا: ادم، وأهب. ومعنى «عمد» سوار، ودعائم، وما يعمد البناء. وقرأ أبو حيوة: «بغير عمد» بضم العين والميم.

وفي قوله: {تَرَوْنَهَا} قولان.

احدهما: أن هاء الكناية ترجع إلى السموات، فالمعنى: ترونها بغير عمد، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وقتادة، والجمهور. وقال ابن الأنباري: «ترونها» خبر مستأنف، والمعنى: رفع السموات بلا دعامة تمسكها، ثم قال: «ترونها» أي: ما تشاهدون من هذا الأمر العظيم، يغنيكم عن إقامة الدلائل عليه.

والثاني: أنها ترجع إلى العمد، فالمعنى: إنها بعمد لا ترونها، رواه عطاء، والضحاك عن ابن عباس، وقال: لها عمد على قاف، ولكنكم لا ترون العمد، وإلى هذا القول ذهب مجاهد، وعكرمة، والأول أصح. قوله تعالى:

{وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ} اي: ذللّهما لما يراد منهما

{كُـلٌّ يَجْرِى لاِجَـلٍ مُّسَـمًّى} أي: إلى وقت معلوم، وهو فناء الدنيا.

{يُدَبّرُ ٱلاْمْرَ} أي: يصرفه بحكمته.

{يُفَصّلُ ٱلآيَـٰتِ} أي: يبين الآيات التي تدل أنه قادر على البعث لكي توقنوا بذلك. وقرأ أبو رزيني، وقتادة، والنخعي. «ندبر الأمر نفصل الآيات» بالنون فيهما.

﴿ ٢