٩

قوله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ}

اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال.

احدها: أنهانزلت في كفار مكة، سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يأتيهم بالعذاب، استهزاء منهم بذلك، قاله ابن عباس.

والثاني: في مشركي العرب، قاله قتادة.

والثالث: في النضر بن الحارث حين قال: اللّهم إن كان هذا هو الحق من عندك، قاله مقاتل.

وفي السيئة والحسنة قولان.

احدهما: بالعذاب قبل العافية، قاله ابن عباس، ومقاتل.

والثاني: بالشر قبل الخير، قاله قتادة. فأما {ٱلْمَثُلَـٰتُ} فقرأ الجمهور بفتح الميم. وقرأ عثمان، وأبو رزين، وأبو مجلز، وسعيد بن جبير، وقتادة، والحسن، وابن أبي عبلة برفع الميم.

ثم في معناها قولان.

احدهما: أنها العقوبات، قاله ابن عباس. وقال الزجاج: المعنى: قد تقدم.

احدها: أن المراد بالهادي: اللّه عز وجل، رواه العوفي عنب ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، والضحاك، والنخعي، فيكون المعنى: إنما إليك الإنذار، واللّه الهادي.

والثاني: أن الهادي: الداعي، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثالث: أن الهادي: النبي صلى اللّه عليه وسلم، قاله الحسن، وعطاء، وقتادة، وابن زيد، فالمعنى: ولكل قوم نبي ينذرهم.

والرابع: أن الهادي: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أيضا، قاله عكرمة، وأبو الضحى، والمعنى: أنت منذر، وأنت هاد.

والخامس: أن الهادي: العمل، قاله أبو العالية.

والسادس: أن الهادي: القائد إلى الخير أو إلى الشر قاله أبو صالح عن ابن عباس.

وقد روى المفسرون من طرق ليس فيها ما يثبت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:لمانزلت هذه الآية، وضع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يده على صدره، فقال: «أنا المنذر» وأومأ بيده إلى منكب علي، فقال: «أنت الهادي يا علي بك يهتدى من بعدي» قال المصنف: وهذا من موضوعات الرافضة. ثم إن اللّه تعالى أخبرهم عن قدرته، ردا على منكري البعث، فقال:

{ٱللّه يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ} أي: من علقة أو مضغة، أو زائد أو ناقص، أو ذكر أو أنثى، أو واحد أو اثنين أو أكثر،

{وَمَا تَغِيضُ ٱلاْرْحَامُ} أي: وما تنقص،

{وَمَا تَزْدَادُ} وفيه أربعة أقوال.

احدها: ما تغيض: بالوضع لأقل من تسعة أشهر، وما تزداد: بالوضع لأكثر من تسعة أشهر، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير، والضحاك، ومقاتل، وابن قتيبة، والزجاج.

والثاني: وما تغيض: بالسقط الناقص، وما تزداد: بالولد التام، رواه العوفي عن ابن عباس، وعن الحسن كالقولين.

والثالث: وما تغيض: بإراقة الدم في الحمل حتى يتضاءل الولد، وما تزداد: إذا أمسكت الدم فيعظم الولد، قاله مجاهد.

والرابع: ما تغيض الأرحام: من ولدته من قبل، وما تزداد: من تلده من بعد، روي عن قتادة، والسدي. قوله تعالى:

{وَكُلُّ شَىْء عِندَهُ بِمِقْدَارٍ} أي: بقدر. قال أبو عبيدة: هو مفعال من القدر. قال ابن عباس: علم كل شيء فقدره تقديرا. قوله تعالى:

{عَالِمَ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ} قد شرحنا ذلك في {ٱلاْنْعَـٰمِ}. و {ٱلْكَبِيرُ} بمعنى: العظيم. ومعناه: يعود إلى كبر قدره واستحقاقه صفات العلو، فهو أكبر من كل كبير، لأن كل كبير يصغر بالإضافة إلى عظمته. ويقال: «الكبير» الذي كبر عن مشابهة المخلوقين.فأما {ٱلْمُتَعَالِ} فقرأ ابن كثير «المتعالي» بياء في الوصل والوقف، وكذلك روى عبد الوارث عن أبي عمرو، واثبتها في الوقف دون الوصل ابن شنبوذ عن قنبل، والباقون بغير ياء في الحالين. والمتعالي هو المتنزه عن صفات المخلوقين، قال الخطابي: وقد يكون بمعنى العالي فوق خلقه. وروي عن الحسن أنه قال: المتعالي عما يقول المشركون.

﴿ ٩