|
١٤ قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} مذكور في [الأعراف ١٦٧]. وفي قوله: {لَئِن شَكَرْتُمْ لازِيدَنَّكُمْ} ثلاثة اقوال. احدها: لئن شكرتم نعمي لأزيدنكم من طاعتي، قاله الحسن. والثاني: لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي، قاله الربيع. والثالث: لئن وحدتموني لأزيدنكم خيرا في الدنيا، قاله مقاتل. وفي قوله: {وَلَئِن كَفَرْتُمْ} قولان. احدهما:أنه كفر بالتوحيد. والثاني: كفران النعم. قوله تعالى: {فَإِنَّ ٱللّه لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ} أي: غني عن خلقه، محمود في أفعاله، لأنه إما متفضل بفعله، أو عادل. قوله تعالى: {لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللّه} قال ابن الأنباري: أي: لا يحصي عددهم إلا هو، على أن اللّه تعالى أهلك أمما من العرب وغيرها، فانقطعت أخبارهم، وعفت آثارهم، فليس يعلمهم أحد إلا اللّه . قوله تعالى: {فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ} فيه سبعة أقوال. احدها: أنهم عضوا أصابعهم، غيظا قاله ابن مسعود، وابن زيد. وقال ابن تيبة: «في» هاهنا بمعنى: «إلى» ومعنى الكلام: عضوا عليها حنقا وغيظا، كما قال الشاعر: يردون في فيه عشر الحسود يعني: أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر، ونحوه قول الهذلي: قد افنى أنامله أزمه فأضحى يعض علي الوظيفا يقول: قد أكل أصابعه حتى أفناها بالعض، فأضحى يعض علي وظيف بالذارع. والثاني: أنهم كانوا إذا جاءهم الرسول فقال: إني رسول، قالوا له: اسكت، واشاروا بأصابعهم إلى أفواه أنفسهم، ردا عليه وتكذيبا، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: أنهم لماسمعوا كتاب اللّه، عجوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم، رواه العوفي عن ابن عباس. والرابع: أنهم وضعوا أيديهم على أفواه الرسل. ردا لقولهم قاله الحسن. والخامس: أنهم كذبوهم بأفواههم، وردوا عليهم قولهم، قاله مجاهد، وقتادة. والسادس: أنه مثل، ومعناه: أنهم كفوا عما أمروا بقبوله من الحق، ولم يؤمنوا به. يقال: رد فلان يده إلى فمه، أي: أمسك فلم يجب، قاله أبو عبيدة. والسابع: ردوا مالوا قبلوه لكان نعما وايادي من اللّه، فتكون الأيدي بمعنى: الأيادي، و«في» بمعنى: الباء، والمعنى: ردوا الأيادي بأفواههم ذكره الفراء، وقال: قد وجدنا من العرب من يجعل «في» موضع الباء، فيقول: أدخلك اللّه بالجنة، يريد: في الجنة، وأنشدني بعضهم: وأرغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنني عن سنبس لست أرغب فقال: ارغب فيها، يعني: بنتا له، يريد: أرغب بها، وسنبس: قبيلة. قوله تعالى: {وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ} اي:على زعمكم أنكم أرسلتم، لا أنهم أقروا بإرسالهم. وباقي الآية قد سبق تفسيره [هود: ٦٢]. {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى ٱللّه شَكٌّ} هذا استفهام إنكار، والمعنى، لا شك في اللّه، أي: في توحيده {يَدْعُوكُمْ} بالرسل والكتب {لِيَغْفِرَ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} قال أبو عبيدة: «من» زائدة، كقوله: {فَمَا مِنكُم مّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَـٰجِزِينَ} [الحاقة: ٧٤]، قال أبو ذؤيب: جزيتك ضعف الحب لما شكوته وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي أي: أحد. وقوله: {وَيُؤَخّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى} وهو الموت، والمعنى: لا يعاجلكم بالعذاب. {قَالُواْ} للرسل {إِنْ أَنتُمْ} أي: ما أنتم {إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا} أي: ليس لكم علينا فضل، والسلطان: الحجة. قالت الرسل: {إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ} فاعترفوا لهم بذلك، {وَلَـٰكِنَّ ٱللّه يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاء} يعنون: بالنبوة والرسالة، {وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَـٰنٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللّه} أي: ليس ذلك من قبل أنفسنا. قوله تعالى: {وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} فيه قولان. احدهما: بين لنا رشدنا. والثاني: عرفنا طريق التوكل. وإنما قص هذه وأمثاله على نبينا ليقندي بمن قبله في الصبر وليعلم ما جرى لهم. قوله تعالى: {لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} يعني: الكافرين بالرسل. وقوله تعالى: {مّن بَعْدِهِمْ} أي: بعد هلاكهم. {ذٰلِكَ} الإسكان {لِمَنْ خَافَ مَقَامِى} قال ابن عباس: خاف مقامه بين يدي. قال الفراء: العرب قد تضيف أفعالها إلى أنفسها، وإلى ما أوقعت عليه، فتقول: قد ندمت على ضربي إياك، وندمت على ضربك، فهذا من ذاك، ومثله {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ} [الواقعة: ٨٢] أي: رزقي إياكم. قوله تعالى: {وَخَافَ وَعِيدِ} أثبت ياء «وعيدي» في الحالين يعقوب، وتابعه ورش في الوصل. |
﴿ ١٤ ﴾