١٦

قوله تعالى: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ} أي: وسخر ما ذرأ لكم. وذرأ بمعنى: خلق. و «سخر البحر» اي: ذللّه للركوب والغوص فيه {لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيّا} يعني: السمك

{وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} يعني: الدر، واللؤلؤ، والمرجان، وفي هذا دلالة على أن حالفا لو حلف: لا يلبس حليا، فلبس لؤلؤا، أنه يحنث، وقال أبو حنيفة: لا يحنث. قوله تعالى:

{وَتَرَى ٱلْفُلْكَ} يعني: السفن.

وفي معنى {مَوَاخِرَ} قولان.

احدهما: جواري، قاله ابن عباس. قال اللغويون: يقال: مخرت السفينة مخرا: إذا شقت الماء في جريانها.

والثاني: المواقر، يعني: المملوءة، قاله الحسن.

وفي قوله تعالى: {وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} قولان.

احدهما: بالركوب فيه للتجارة ابتغاء الربح من فضل اللّه.

والثاني: بما تستخرجون من حليته، وتصيدون من حيتانه. قال ابن الأنباري: وفي دخول الواو في قوله تعالى:

{وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} وجهان.

احدهما: أنهامعطوفة على لام محذوفة، تقديره: وترى الفلك مواخر فيه لتنتفعوا بذلك ولتبتغوا.

والثاني: أنها دخلت لفعل مضمر، تقديره: وفعل ذلك لكي تبتغوا. قوله تعالى:

{وَأَلْقَىٰ فِى ٱلاْرْضِ رَوَاسِىَ} أي: نصب فيها جبالا ثوابت

{أَن تَمِيدَ} أي: لئلا تميد، وقال الزجاج: كراهة أن تميد، يقال: ماد الرجل يميد ميدا: إذا أدير به، وقال ابن قتيبة: الميد: الحركة والميل، يقال: فلان يميد في مشيته، أي: يتكفأ.

قوله تعالى: {وَأَنْهَـٰراً} قال الزجاج:المعنى: وجعل فيها سبلا، لأن معنى «ألقى»: «جعل»، فأما السبل، فهي الطرق.

{وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي: لكي تهتدوا إلى مقاصدكم. قوله تعالى:

{وَعَلامَـٰتٍ} فيها ثلاثة أقوال.

احدها: أنها معالم الطرف بالنهار، وبالنجم هم يهتدون وبالليل، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثاني: أنها النجوم أيضا، منها ما يكون علامة لا يهتدى به، ومنها ما يهتدى به، قاله مجاهد، وقتادة، والنخعي.

والثالث: الجبال، قاله ابن السائب، ومقاتل.

وفي المراد بالنجم أربعة أقوال.

احدها: أنه الثريا، والفرقدان، وبنات نعش، والجدي، قاله السدي.

والثاني: أنه الجدي، والفرقدان، قاله ابن السائب.

والثالث: أنه الجدي وحده، لأنه أثبت النجوم كلها في مركزه، ذكره الماوردي.

والرابع: أنه اسم جنس، والمراد جميع النجوم، قاله الزجاج، وقرأ الحسن، والضحاك، وأبو المتوكل، ويحيى بن وثاب: «وبالنُجْم» بضم النون وإسكان الجيم، وقرأ الجحدري: «وبالنُّجُم» بضم النون والجيم، وقرأ مجاهد: «وبالنجوم» بواو على الجمع.وفي المراد بهذا الاهتداء قولان.

احدهما: الاهتداء إلى القبلة.

والثاني: إلى الطريق في السفر.

﴿ ١٦