|
١٧ قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً} في سبب إرادته لذلك قولان. احدهما: ما سبق لهم في قضائه من الشقاء. والثاني: عنادهم الأنبياء وتكذيبهم إياهم. قوله تعالى: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} قرأ الأكثرون: أمرنا مخففة، على وزن فَعَلْنا، وفيها ثلاثة أقوال. احدها: أنه من الأمر، وفي الكلام إضمار، تقديره: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا، هذا مذهب سعيد بن جبير. قال الزجاج: ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني، فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر. والثاني: كثَّرنا يقال: أمرت الشيء وآمرته، أي: كثَّرته، ومنه قولهم: مهرة مأمورة، أي: كثيرة النتاج، يقال: أَمِرَ بنو فلان يأمرون أمراً: إذا كثروا، هذا قول ابي عبيدة، وابن قتيبة. والثالث: أنَّ معنى أَمرنا أمّرنا، يقال: أَمرت الرجل، بمعنى، أمّرته، والمعنى: سلّطنا مترفيها بالإمارة، ذكره ابن الأنباري. وروى خارجة عن نافع: آمرنا ممدودة، مثل آمنا، وكذلك روى حماد بن سلمة عن ابن كثير، وهي قراءة ابن عباس، وأبي الدرداء، وأبي رزين، والحسن، والضحاك، ويعقوب. قال ابن قتيبة: وهي اللغة العالية المشهورة، ومعناه: كثّرنا، أيضاً. وروى ابن مجاهد أنَّ أبا عمرو قرأ: أمّرنا مشددة الميم، وهي رواية أبان عن عاصم، وهي قراءة أبي العالية، والنخعي والجحدري. قال ابن قتيبة: المعنى: جعلناهم أمراء. وقرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وابن يعمر: أَمِرنا بفتح الهمزة مكسورة الميم مخففة. فأما المترفون، فهم المتنعمون الذين قد أبطرتهم النعمة وسعة العيش، والمفسرون يقولون: هم الجبارون والمسلطون والملوك، وإنما خص المترفين بالذكر، لأنهم الرؤساء، ومن عداهم تبع لهم. قوله تعالى: {فَفَسَقُواْ فِيهَا} أي: تمردوا في كفرهم، لأن الفسق في الكفر: الخروج إلى أفحشه. وقد شرحنا معنى الفسق في [البقرة: ٢٦/١٩٧]. قوله تعالى: {فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ} قال مقاتل: وجب عليها العذاب. وقد ذكرنا معنى التدمير في [الاعراف: ١٣٧] قوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ} وهو جمع قرن. وقد ذكرنا اختلاف الناس فيه في [الانعام: ٦]، وشرحنا معنى الخبير والبصير في [البقرة]. قال مقاتل: وهذه الآية تخويف لأهل مكة. |
﴿ ١٧ ﴾