|
١٧ قوله تعالى: {وَإِذْ} قال ابن عباس: هذا [قول] يمليخا، وهو رئيس أصحاب الكهف، قال لهم: وإذ اعتزلتموهم، أي: فارقتموهم، يريد: عبدة الأصنام، {ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إَلاَّ ٱللّه} فيه قولان. احدهما: واعتزلتم ما يعبدون، إلا اللّه، فان القوم كانوا يعبدون اللّه ويعبدون معه آلهة، فاعتزل الفتية عبادة الآلهة، ولم يعتزلوا عبادة اللّه، هذا قول عطاء الخراساني، والفراء. والثاني: وما يعبدون غير اللّه؛ قال قتادة: هي في مصحف عبد اللّه: وما يعبدون من دون اللّه، وهذا تفسيرها. قوله تعالى: {فَأْوُواْ إِلَى ٱلْكَهْفِ} أي: اجعلوه مأواكم، {يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مّن رَّحْمَتِهِ} أي: يبسط عليكم من رزقه، {وَيُهَيّىء لَكُمْ مّنْ أَمْرِكُمْ مّرْفَقًا} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: مرفقا بكسر الميم، وفتح الفاء، وقرأ نافع، وابن عامر: مرفقا بفتح الميم، وكسرالفاء. قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: مرفقا بفتح الميم وكسر الفاء، في كل مرفق ارتفقت به، ويكسرون مرفق الإنسان، والعرب قد يكسرون الميم منهما جميعا. قال ابن الأنباري: معنى الآية: ويهيىء لكم بدلا من أمركم الصعب مرفقا، قال الشاعر: فليت لنا من ماء زمزم شربة مبردة باتت على طهيان معناه: فليت لنا بدلا من ماء زمزم. قال ابن عباس: ويهيىء لكم: يسهل عليكم ما تخافون من الملك وظلمه ويأتكم باليسر والرفق واللطف. قوله تعالى: {وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت} المعنى: لو رأيتها لرأيت ما وصفنا. {تَّزَاوَرُ} قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: تزاور بتشديد الزاي. وقرأ عاصم،وحمزة، والكسائي: تزاور خفيفة. وقرأ ابن عامر: تزور مثل: تحمر. وقرأ أبي بن كعب، وأبو مجلز، وأبو رجاء والجحدري: تزوار باسكان الزاي، وبألف ممدودة بعد الواو من غير همزة، مشددة الراء. وقرأ ابن مسعود، وأبو المتوكل، وابن السميفع: تزوئر بهمزة قبل الراء، مثل: تزوعر. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو السماك: تزور بفتح التاء والزاي وتشديد الواو المفتوحة خفيفة الراء، مثل: تكور، أي: تميل وتعدل. قال الزجاج: أصل تزاور: تتزاور، فأدغمت التاء في الزاي، و{تَّقْرِضُهُمْ} أي: تعدل عنهم وتتركهم، وقال: ذو الرمة: إلى طغن يقرضن أجواز مشرف شمالا وعن أيمانهن الفوراس يقرضن: يتركن. وأصل القرض: القطع والتفرقة بين الأشياء، ومنه قولك: أقرضني درهما، أي: اقطع لي من مالك درهما. قال المفسرون: كان كهفهم بازاء بنات نعش في أرض الروم، فكانت الشمس تميل عنهم طالعة وغاربة لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرها وتغير ألوانهم. ثم أخبر أنهم كانوا في متسع من الكهف ينالهم فيه برد الريح، ونسيم الهواء، فقال: {وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مّنْهُ} قال أبو عبيدة: أي: [في] متسع، والجميع: فجوات، وفجاء بكسر الفاء. وقال الزجاج: إنما. صرف الشمس عنهم آية من الآيات، ولم يرض قول من قال: كان كهفهم بازاء بنت نعش. قوله تعالى: {ذٰلِكَ مِنْ آيَـٰتِ ٱللّه} يشير الى ماصنعه بهم من اللطف في هدايتهم، وصرف أذى الشمس عنهم، والرعب الذي ألقى علهم حتى لم يقدر الملك الظالم ولا غيره على أذاهم. من آيات اللّه أي: من دلائله على قدرته ولطفه. {مَن يَهْدِ ٱللّه فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ} هذا بيان أنه هو الذي تولى هداية القوم، ولولا ذلك لم يهتدوا. |
﴿ ١٧ ﴾